الإثنين, 3 نوفمبر 2025 11:48 PM

موقف موحد لإيران وروسيا والصين: هل ينهي الهيمنة الأحادية ويؤسس لنظام دولي متعدد الأقطاب؟

موقف موحد لإيران وروسيا والصين: هل ينهي الهيمنة الأحادية ويؤسس لنظام دولي متعدد الأقطاب؟

بقلم: حسن حردان

هل يمثل الموقف الإيراني الروسي الصيني الموحد، والذي يؤكد على انتهاء العمل بالقرار الأممي 2231، تحديًا حقيقيًا للمساعي الغربية لإحياء "آلية الزناد"؟ وهل يشير هذا الموقف إلى تحول في العلاقات الدولية ونحو ولادة نظام دولي متعدد الأقطاب؟

إن هذا القرار الموحد يُعد تطورًا لافتًا وبالغ الدلالة، إذ لأول مرة تبعث كل من طهران وموسكو وبكين رسالتين منفصلتين، الأولى إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن الدولي، والثانية إلى رافائيل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعبران فيهما عن رفض الاعتراف بأي عقوبات غربية على إيران والإبقاء على ملفها النووي قيد البحث في الوكالة.

ما هي دلالات هذا الدعم الذي حظي به هذا الموقف من قبل 120 دولة في حركة عدم الانحياز؟ وهل هو مجرد خلاف دبلوماسي عابر، أم أنه يؤشر إلى تحول نوعي في المواجهة من قبل الدول الرافضة للهيمنة الأحادية الأميركية الغربية؟ وماذا يعني ذلك من قوة ضغط ذات تأثير كبير، بعد أن قررت الدول المذكورة تحدي هيمنة نظام القطب الدولي الواحد والتشكيك في مصداقيته؟

أولاً: دلالات القرار الروسي الصيني الإيراني الموحد

هذا التطور يتجاوز كونه مجرد خلاف دبلوماسي عابر، ويشير إلى عدة دلالات:

  • تحدي الهيمنة الأحادية الغربية: يعكس الموقف الثلاثي نقلة نوعية في المواجهة من قبل الدول التي ترفض الهيمنة الأحادية الأميركية الغربية، ويشير إلى قوة ضغط ذات تأثير كبير قررت تحدي هيمنة نظام القطب الدولي الواحد والتشكيك في مصداقيته.
  • مؤشر على تعزيز الاتجاه نحو ولادة نظام دولي متعدد الأقطاب: التنسيق الاستراتيجي والرسائل المشتركة التي تُرسل لأول مرة بوضوح إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع التأكيد على التفسير القانوني المشترك للقرار، هو مؤشر قوي على تكتل استراتيجي يعزز ولادة نظام دولي متعدد الأقطاب، ويستخدم الأدوات القانونية والدبلوماسية في المؤسسات الدولية لتقويض الإرادة الغربية الأحادية.
  • إنشاء واقع قانوني مزدوج: يرى مراقبون أن هذا الانقسام بين القوى الشرقية والغربية حول القرار 2231 يخلق واقعاً قانونياً مزدوجاً، مما يقوض سلطة مجلس الأمن وقواعد النظام الدولي القائم.
  • الدعم الدولي الواسع: دعم أكثر من 120 دولة في حركة عدم الانحياز لهذا الموقف يمنحه شرعية دولية واسعة تتجاوز الأطراف الثلاثة، ويعكس رفضاً دولياً متزايداً لاستخدام العقوبات الأحادية أو غير القانونية لتسوية الخلافات، مما يزيد من قوة الموقف المشترك ويعزز فكرة التعددية القطبية.

ثانياً: تحدي قوي لـ "آلية الزناد"

تتيح "آلية الزناد" (Snapback) للدول المشاركة في الاتفاق النووي خطة العمل الشاملة المشتركة – JCPOA إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران في حال انتهاكها للاتفاق. لكن الموقف الموحد الروسي الصيني الإيراني بإبطال تفعيل الآلية أحدث خلافاً قانونياً مع الدول الغربية (الترويكا الأوروبية: فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) التي تسعى لتفعيل هذه الآلية بحجة انتهاك إيران للاتفاق، في حين ترى إيران وروسيا والصين أن محاولات تفعيل الآلية باطلة قانوناً وإجرائياً لعدة أسباب، أهمها أن أحكام القرار 2231 المتعلقة بالقيود قد انتهت بموجب الفقرة 8 من القرار نفسه، وأن الدول التي أخلت بالتزاماتها (كأميركا بانسحابها والأوروبيين بعدم تطبيق تعهداتهم) لا يحق لها استخدام الآلية.

إن الموقف الموحد المشترك يضع عقبة سياسية وقانونية ضخمة أمام الدول الغربية، حيث أن روسيا والصين، كعضوين دائمين في مجلس الأمن، لن يلتزما بأي عقوبات تتم إعادتها بهذه الطريقة، مما يعني أن الآلية ستفقد فعاليتها وتصبح قراراتها غير ملزمة على المستوى الدولي، باستثناء الدول الغربية وحلفائها.

باختصار، هذا التحرك ليس مجرد نزاع دبلوماسي، بل هو تعبير واضح عن تشكيل محور قوى يسعى إلى إعادة تعريف القواعد الدولية وتوازنات القوى، ويستخدم الخلاف القانوني حول القرار 2231 كساحة معركة لإثبات محدودية الهيمنة الغربية وبداية مرحلة جديدة من التعددية القطبية، تضع حداً للهيمنة الأميركية الغربية على القرار الدولي، والاستنسابية في تطبيق القرارات الدولية.

(أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

مشاركة المقال: