أكد جودت يلماز نائب الرئيس التركي، أن الاستقرار في سوريا هو أمر مهم لكافة دول المنطقة، مشيراً إلى أن تركيا تربطها بسوريا حدود تتجاوز الـ900 كيلومتر، وأي تطور إيجابي أوسلبي، يمس تركيا بشكل مباشر.
وقال يلماز، في لقاء أجراه مع قناة “الجزيرة”: “نحن نؤمن بأن استقرار سوريا وقيامها من جديد كدولة مزدهرة لا يصب في مصلحة الشعب السوري وحده، بل هو أمر حيوي للمنطقة بأسرها، فاستقرار سوريا سيسهم بقدر كبير في استقرار المنطقة ورفاهيتها”.
وأضاف أن بلاده تولي أهمية بالغة لقيام نهج حكم شامل يضم جميع مكونات المجتمع السوري، متابعاً: “نحن نتحدث عن بلد مدمَّر، لا على مستوى البنية التحتية المادية فحسب، بل كذلك على مستوى المؤسسات، وهذا البلد بحاجة إلى إعادة بناء شاملة تشمل الإطار القانوني والمؤسساتي، إضافة إلى إعادة تأهيل بنيته التحتية من طرق وشبكات طاقة ومناخ استثماري واقتصادي”.
وأكد نائب الرئيس التركي أن “تركيا تبدي أعلى مستويات التضامن مع سوريا في جميع هذه المجالات، وتسعى جاهدة إلى دعم استقرارها السياسي وأمنها، وهي مستعدة لتقاسم خبراتها وتقديم الدعم الكامل في مسيرة إعادة الإعمار”.
تابع “إذا نظرنا إلى هذا الموضوع من منظور تركي فإن سوريا حين تصبح أكثر أمناً واستقرارا بعد إعادة الإعمار ستعود على تركيا بفوائد جمة في شتى المجالات، وأنا أؤمن بذلك من أعماق قلبي”.
وشدد يلماز، أن بلاده تتحرك على جميع المنصات الدولية، وتتعاون مع جميع الدول المعنية بالقضية السورية لوقف هذه الانتهاكات التي تعد خرقا للقانون الدولي وحقوق الشعب السوري، ونأمل ألا تمعن إسرائيل في ممارساتها هذه، وللأسف فإنها تُظهر السلوك نفسه في لبنان أيضاً.
وبخصوص قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، المتعلق برفع العقوبات عن سوريا واللقاء الذي جمعه مع رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، أكد يلماز أن كذلك، “ترمب اتخذ هذا القرار استجابة لتوصية من الرئيس رجب طيب أردوغان”، مضيفاً أن “في الاجتماع الذي حضره كل من الأمير محمد بن سلمان والرئيس أحمد الشرع شارك الرئيس أردوغان عبر الاتصال المرئي، وأجريت خلاله مراجعة جماعية وتقييم للوضع، وقد تكون وسائل الإعلام العالمية تجاهلت هذا الجزء عمداً أو لم تبرزه بشكل واضح لكن الحقيقة أن الرئيس أردوغان كان حاضراً في ذلك اللقاء وشارك في النقاشات التي أجريت”، كما أشاد باستضافة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لهذا اللقاء.
وحول تأثير قرار رفع العقوبات على الاقتصاد السوري، قال نائب الرئيس التركي: “كل اللقاءات التي نجريها مع دول المنطقة تتناول البعد الاقتصادي، فإعادة الإعمار جزء لا يتجزأ من تعزيز الأمن، ومن دون إعادة إعمار حقيقية لا يمكن الحديث عن أمن فعلي”.
وأضاف أن “رفع العقوبات يحسّن مناخ الاستثمار، سواء على مستوى الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية أو على مستوى الاستثمارات الخاصة التي لا تقل أهمية، وكان لا بد من إزالة تهديد العقوبات كي تتمكن الشركات من القدوم والاستثمار في سوريا”.
وأوضح يلماز، أن “الاستثمار هناك يتطلب سلسلة منسقة من العمليات: لوجستية، وتمويلية، وتوريدية، وكلها كانت متأثرة بالعقوبات، وبالتالي فإن رفعها سيحسّن بيئة الأعمال بشكل كبير”، مشدداً على ضرورة فإن فتح الباب لعودة رجال الأعمال وأصحاب المشاريع للاستثمار في سوريا.
وعلّق يلماز على التحركات الإسرائيلية في سوريا والمنطقة، مؤكداً أن “حكومة نتنياهو تسعى إلى خلق منطقة غير مستقرة، وتحاول استثمار هذه الفوضى لمصالحها، في حين أن الواجب الحقيقي هو بناء بيئة مستقرة في المنطقة بأسرها”.
وأكد أن “موقفنا واضح تماماً، ولا نقبل بأي شكل من الأشكال هذه الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، ونكرر في كل مناسبة أنها تعد انتهاكاً للقانون الدولي، ونستمر في جهودنا لتمكين الحكومة المركزية في سوريا وتعزيز مناخ السلام في المجتمع السوري”.
يشار إلى أن تركيا كانت من أول الدول التي أبدت دعمها بعد سقوط نظام الأسد، في 8 كانون الأول 2024.