شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً ملحوظاً في التوترات الأمنية والسياسية داخل إسرائيل، حيث يتجه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، نحو توسيع نطاق العمليات العسكرية في قطاع غزة، وصولاً إلى احتمالية احتلال مناطق في الوسط ومدينة غزة، التي لم تشهد بعد عمليات عسكرية واسعة النطاق.
يواجه هذا التوجه معارضة من المؤسسة العسكرية، وعلى رأسها رئيس أركان جيش العدو، أيال زامير، الذي وصف الخطة بأنها "فخ استراتيجي" يهدد حياة الجنود والأسرى.
ترأس نتنياهو، أمس، اجتماعاً أمنياً مصغراً استمر ثلاث ساعات، عرض خلاله زامير خيارات لمواصلة الحرب، تركزت على تشديد الحصار وتقسيم القطاع شرقاً وغرباً، مع تجنب الدخول إلى المناطق المأهولة أو تلك التي يُشتبه بوجود أسرى فيها. إلا أن نتنياهو أصر على موقفه، مؤكداً على ضرورة "استكمال هزيمة العدو في غزة" و"تحرير الأسرى"، مشيراً إلى أن "النهج الذي اتُّبع حتى الآن لم ينجح".
أبدى زامير قلقه بشأن مصير الأسرى، محذراً من أن "التوغل في مدينة غزة قد يؤدي إلى مقتلهم". وذكرت تسريبات أن زامير قال لنتنياهو إن خطة الاحتلال الكامل لغزة "نُصِبَت كفخّ"، فردّ نتنياهو بالإصرار على تقديم نسخة محسّنة من الخطة أمام "الكابينت"، مؤكداً "سنحتل القطاع".
بلغ التوتر ذروته بعد اتهام رئيس الأركان لنتنياهو بشنّ "حملات تحريض" ضده، ملمحاً إلى دور يائير نتنياهو، نجل رئيس الحكومة، في ذلك، بعد اتهام الأخير لرئيس الأركان بتسريب معلومات للإعلام، معتبراً أن ذلك يرقى إلى مستوى "التمرّد ومحاولة تنفيذ انقلاب عسكري".
أظهرت التسريبات من جلسات "الكابينت" المصغر والموسع أن الخلاف بين المستويين السياسي والعسكري يتسع، في ظل ضغوط من وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، لاحتلال مدينة غزة، رغم اعتراض المؤسسة الأمنية وتحذيراتها.
وفقاً لقناة "كان"، اقترح الجيش "فرض حصار شامل على مدينة غزة بدلاً من اقتحامها، وهو مقترح يلقى دعم قيادات عسكرية". وأفادت قناة "i24NEWS" بأن الخطة تتضمن سيناريوهين: "إما فرض إدارة عسكرية مباشرة تتيح لجيش الاحتلال المناورة في القطاع، أو تطويق المخيمات وترك ممرات إنسانية لتقديم المساعدات". وأكدت القناة أن "الخيار الثاني يلقى قبولاً أكبر"، وسط تحذيرات دولية من كارثة إنسانية في القطاع.
في المقابل، وصف زعيم المعارضة، يائير لابيد، خطة احتلال غزة بأنها "كارثة مؤكدة" ستؤدي إلى "موت الأسرى، واستنزاف الجيش، وجرّ إسرائيل إلى دوامة حكم عسكري دائم". وقال لابيد: "إذا ضممتَ، دفعتَ. من تلك اللحظة، كل شيء سيكون على حسابنا".
شهدت تل أبيب احتجاجات غاضبة، حيث أغلق متظاهرون شارع أيالون وأشعلوا النيران، رفضاً لتوسيع الحرب، ورددوا شعارات تدعو إلى "وقف الحرب وإعادة الأسرى فوراً".
تحدث موقع "أكسيوس" عن خطة يعدّها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإعادة إعمار القطاع بقيادة وتمويل أميركيَّيْن، شريطة تنحّي حركة "حماس" عن الحكم ونزع سلاحها، وهو شرط تسعى قطر لـ"التخفيف من حدّته".