الخميس, 8 مايو 2025 01:37 PM

نحو إدارة لامركزية ناجحة: كيف تعزز الثقة بالمحافظات قوة الدولة السورية؟

في زمن الأزمات، تُختبر الحكومات لا بقوة قبضتها بل بقدرتها على التوزيع العادل للأدوار والثقة بالمجتمع. اليوم، وبينما تعيد الدولة السورية النظر في تموضع مؤسساتها، يفضل دراسة منح المحافظات دوراً أوسع كخطوة في الاتجاه الصحيح، ليس كفيدرالية مقنّعة بل كتصحيح لمسار لحكم الإدارة المحلية طال تأجيله.

حين تُعامل المحافظات لا كوحدات تابعة بل كأذرع فاعلة ضمن جسد الدولة، يصبح الإصلاح ممكناً وتخف الضغوط عن العاصمة، تنخفض تكاليف الحياة وتتراجع ظواهر الترييف والعشوائيات، والمدن تستعيد هويتها والريف ينهض من هامشه في دورة تبادل متوازن تعزّز الاقتصاد وتنعش المجتمع وتحدّ من النزوح والجريمة والفساد.

تفعيل الإدارة المحلية لا يعني التخلي عن القرار المركزي بل تحويله من عبء إلى مرجعية، وهو أيضاً دعوة للعقل الأمني كي يستوعب أن الحضور المحلي أكثر نجاعة من فرض السلطة من بعيد. فحيث يكون الحكم المحلي من أبناء المحافظة تكون العدالة أكثر حساسية والردع أخلاقياً قبل أن يكون عقابياً. في المقابل، على الدولة أن تحصّن هذا النموذج بتشريعات واضحة وآليات رقابة غير مركزية وضمانات تُبقي القرار السيادي بيد الدولة الأم لا بيد الزعامات المناطقية أو المصالح الضيقة.

إن ما يُطرح اليوم ليس نموذجاً إدارياً بقدر ما هو تحول في فلسفة الدولة: من التمركز إلى الانفتاح، من الاحتكار إلى التشارك، من السيطرة إلى الثقة. وإذا أحسنّا البناء على هذه الخطوة فقد نكون فعلاً على أعتاب ولادة دولة سورية جديدة موحدة، عادلة، ومنتجة. وهذا ما نحتاجه حقاً: دولة لا تراقب أطرافها بل تنهض بها.

مشاركة المقال: