الإثنين, 21 يوليو 2025 10:58 PM

نظرة في معتقدات أوغاريت: الخلود، الموت، وفلسفة الحياة كما تجسدت في ألواحها

نظرة في معتقدات أوغاريت: الخلود، الموت، وفلسفة الحياة كما تجسدت في ألواحها

كشفت الألواح الفخارية المترجمة التي عُثر عليها في مدينة أوغاريت خلال مواسم التنقيب في القرن الماضي، عن معلومات وافية حول ديانة الأوغاريتيين، الآلهة التي عبدوها، وفلسفتهم تجاه الحياة والموت والبعث والخلود. يؤكد د.غسان القيم أنهم آمنوا بأن الخلود صفة للآلهة، وأن الموت مصير محتوم للبشر مهما طالت أعمارهم.

في الأسطورة الأوغاريتية "أقهت بن دانيال"، تخبرنا الترجمة كيف عرضت الآلهة عنّاة على أقهت الخلود والحياة الأبدية، لكنه رفض قائلاً: "لا تكذبين أيتها البتول؟.. إن الموت هو نهاية كل إنسان، سأموت موتاً وسيهيلون التراب على جسمي وينثر الكلس على جمجمتي". وتقتطف الأسطورة: "إطلب الحياة فأنا أعطيها .. أطلب الحياة أيها الشاب أقهات .. أعطيك الخلود .. أجغلك تعدّ السنين مع بعل .. وتعد الأشهر مع إيل .. كما يهدي بعل الحياة.. إنه يطعم الحي ويسقيه .. يغني ويطرب له .. هكذا اهدي الحياة إلى أقهات الشاب .. ويرقص أقهات ثانية .. لا تحاولي خداعي أيتها البتول .. فخدائك أغلال في معصمي الشاب .. ماذا يملك الانسان في النهاية ؟.. ماذا سيكون نصيبه في المستقبل ؟.. سنثرون فوق رأسي الحوارة البضاء .. والذهب سنثرونه على جمجمتي .. وسوف أموت موتاً..!".

بسبب اعتقاد الأوغاريتيين بحياة أخرى بعد الموت وقيام الأموات من القبور بأجسادهم، كانوا يضعون مع الميت حاجاته الضرورية من الطعام والأدوات ليجدها عند استيقاظه من نومه الطويل. اعتقدوا أن الإنسان يتكون من الجسد الفاني والروح، وكلاهما يخرجان من الجسد بعد الوفاة، لكنهما لا تفنيان بفناء الجسد. تصوروا الروح على هيئة كائن صغير مجنح يشبه النحلة، لتبقى على اتصال دائم بالجسد بعد الموت.

بما أن أوغاريت كانت دولة منفتحة على العالم وتضم جاليات أجنبية، فقد وُجدت في أطلالها أماكن عبادة لآلهة أخرى، حيث كان أهل أوغاريت يقدمون لها النذور والأضاحي بجانب الآلهة الأوغاريتية التي كان سكانها يعبدونها ويتواصلون معها.

نستنتج أن المجتمع الأوغاريتي رأى في الموت انتقالاً من عالم البشر إلى عالم الآلهة، دون أن تفقد الشخصية وجودها وإدراكها. هذه هي أوغاريت، التي تحدثنا نصوصها الفخارية عن حياتها وحياة شعبها وعقيدتهم. كانت الحياة بالنسبة للأوغاريتيين وظيفة لجوهر خاص، ويبقى الإنسان حياً طالما بقي هذا الجوهر فيه، ويموت لحظة مغادرته لجسده. هكذا وُصف الموت في ملحمة أقهت بن دانيال، حيث النفس أحد عناصر هذا الجوهر، والوثائق الأوغاريتية تجيز لنا أن نعد النفس عنصراً يختنق لحظة الموت، وهي تشبه الزفير.

*عاشق أوغاريت ..غسّان القيّم.. الصورة المرفقة بعدستي لمدنية اوغاريت الأثرية (اخبار سوريا الوطن 2-صفحة الكاتب)

مشاركة المقال: