الجمعة, 18 يوليو 2025 12:41 AM

السويداء: قصة الشيخ أحمد الهجري.. هل أفشل مخطط النظام في استغلال الأقليات؟

السويداء: قصة الشيخ أحمد الهجري.. هل أفشل مخطط النظام في استغلال الأقليات؟

أعادت "الهيئة السورية للرقابة الشعبية"، وهي مجموعة شبابية مدنية تنشط في السويداء، فتح ملف الشيخ أحمد سلمان الهجري، أول شيخ عقل للطائفة الدرزية بعد والده، والذي كان له موقف مغاير لموقف النظام في بداية الثورة السورية.

تولى الشيخ أحمد منصبه قبل عام 2011، ودعا في الأيام الأولى للحراك الشعبي إلى التهدئة، وحث الأهالي على الحفاظ على "السلم الأهلي" والوحدة الوطنية. لكن هذا الموقف سرعان ما تغير، خاصة بعد محاولة اغتيال الثائر خلدون زين الدين على يد المدعو (مالك أبو خ..)، والتي كُشف لاحقًا أنها محاولة فاشلة من قبل الأجهزة الأمنية لإسكات صوت المعارضة.

عقب فشل العملية، قامت أجهزة الأمن باعتقال والدي خلدون للضغط عليه وإجباره على التراجع. حينها، تدخل الشيخ أحمد شخصيًا، وأجرى اتصالات مباشرة مع شخصيات في النظام. تشير بعض المصادر إلى أن أحد هذه الاتصالات كان مع بشار الأسد نفسه، بينما رجحت مصادر أخرى أنه تواصل مع قادة في الأمن العسكري، مهددًا بانضمام السويداء إلى الثورة إذا لم يتم الإفراج الفوري عن المعتقلين.

استجابت السلطة وأُطلق سراح المعتقلين، لكن النظام أدرك أنه يواجه خطرًا داخليًا حقيقيًا، وهو شيخ عقل يرفض أن يكون واجهة طائفية تخدم مصالح السلطة، وكاد أن يسقط أهم أوراقها، وهي ورقة حماية الأقليات.

بعد أقل من أسبوع على هذا التوتر، وفي 24 آذار/مارس 2012، أُعلن عن وفاة الشيخ أحمد إثر "حادث سير" قرب السويداء. صدر الإعلان الرسمي بسرعة، لكن شهود عيان من داخل المشفى أكدوا أن الشيخ كان يتحرك في الممرات دون مساعدة، وهو ما يتعارض مع رواية الوفاة الناتجة عن إصابة قاتلة.

بثت قناة "الدنيا" الموالية تقريرًا مصورًا في ذلك الوقت يوثق لحظة دخول سيارة الشيخ إلى المستشفى، ويظهر فيه جالسًا بجانب السائق. إلا أن التقرير حُذف لاحقًا من منصات البث دون توضيح. وحتى اليوم، لا تزال وفاته موضع شك، ويربطها الكثيرون بقرار سياسي أكثر من كونها حادثًا عرضيًا.

في ذلك الوقت، كان شقيقه حكمت الهجري يعيش في فنزويلا. تم استدعاؤه ليخلف شقيقه، لكنه لم يتبع نفس النهج. بل سرعان ما تقرب من النظام، وأسس فصيلاً مسلحًا شارك في قمع الثورة تحت عنوان "حماية الجبل".

ومع تصاعد الاحتجاجات مجددًا في السويداء، حاول حكمت تقديم نفسه كداعم للحراك، لكنه لم يتجاوز حدود احتوائه وضبطه. اكتفى بتصريحات مبهمة تدعو إلى "وحدة سوريا" تارة، و"اللامركزية" تارة أخرى، بما ينسجم مع خطاب "قسد"، متجاهلاً تصريحات نتنياهو التي أشار فيها إلى خصوصية السويداء وأمنها الحدودي.

اليوم، وبعد سقوط نظام الأسد، تُعيد الهيئة السورية للرقابة الشعبية التذكير بقصة الشيخ أحمد، وتطالب بالكشف عن حقيقة وفاته. كما تطالب بفتح الأرشيف المتعلق بالحوادث الأمنية في السويداء، بما في ذلك تورط قيادات محلية بتصفية الأصوات الحرة تحت غطاء "الحوادث العرضية".

فهل كان الشيخ أحمد ضحية حادث، أم ضحية قرار سياسي؟ وهل يمكن لعدالة ما بعد الأسد أن تعيد لهذا الملف اسمه الحقيقي: "جريمة اغتيال"؟

مشاركة المقال: