الأحد, 11 مايو 2025 12:41 AM

نقد لاذع: كيف حوّلت وسائل التواصل الاجتماعي ثقافتنا إلى "تقميش"؟

نقد لاذع: كيف حوّلت وسائل التواصل الاجتماعي ثقافتنا إلى "تقميش"؟

لم يكن يخطر ببال أحد أن تتحول وسائل التقانة والتواصل إلى مصدر وحيد ومهم لثقافة المجتمعات! ولم يكن يخطر ببال أحد أن يصل الاستخدام السلبي لهذه الوسائل إلى هذا الدرك من الإسفاف! جمهرة كبيرة من الناس صار لها منابرها الخاصة عبر وسائل التواصل، لا حسيب ولا رقيب، وهنا لا نطالب بالرقابة على الإطلاق، وإنما بوجود الرقابة الذاتية.

الكل يأتيه خبر يناسب هواه، يدبج تعليقاً نارياً ويوزعه في الآفاق على أنه كشف وحقيقة! وهذا يختلق، وهذا يحلل! بل إن المنصات والمحطات صارت تستشهد بأقوال فيسبوكية، وربما أضافت عند اقتباسها على صاحب الكلام لقب الصحفي أو الإعلامي! فإن كان الواحد لم يقرأ كتاباً أو نظرية في الإعلام، ولم يدرس أي شيء، ومن ثم ربما لم يحصل على أي زاد أو معرفة، ويحمل لقب الصحفي، فماذا ينتظر المجتمع من مشكلات ومعضلات؟!

نسبة كبيرة من الأخبار والتعليقات على وسائل التواصل تقوم بالتعليق على خبر أو صورة أو فيديو لا يمت واحدها للحقيقة بصلة، ورأينا صوراً تنشر، وحقداً يسود بسببها، ثم يعتذر ناشرها الأول لأنها ليست للمكان نفسه، وليست للزمان الذي يتحدث عنه. إنها ثقافة التقميش، حيث يفتح واحدهم عينيه ليكتب حلمه، أو أمنيته، وربما واجهته لقطة فبدأ بسيل من التعليقات التي لا تسمن ولا تغني. والأهم أن هذه الثقافة تعتمد على الشتم والقذف والاتهام من كل طرف للآخر، وكأنه يملك الحقيقة!

والأكثر إيلاماً أن كثيرين من السياسيين والأكاديميين وجدوا في الردح والشتم وسيلة للبقاء في الواجهة. لابد من إنعاش الإعلام الرصين القائم على التحليل لا التهليل، والقائم على الخبرة والمعرفة، عند ذلك سيتراجع تأثير تلك الوسائل، وخاصة إن استفاد الإعلام الرصين من وسائل التواصل، سيضطر هؤلاء للارتفاع بمستوى تناولهم أمام الإعلام الرصين.

ثقافة التقميش تملك قدرة عجائبية على الاختلاق والتزوير والتزييف، والاقتطاع الذي يسيء إلى الأوطان والشخصيات والأحداث، وحسبنا أن نقرأ عدداً من الأخبار لنكتشف ذلك الكمّ من الاتهامات والتخوين، وتوزيع الإدانات والشهادات والبراءات. كل واحد يظن أنه الحقّ.. والحق صفة من الصفات المطلقة التي لا يمنحها الإله لواحد، وهي من صفاته جلّ في علاه.

القائمة طويلة.. الأسماء كثيرة وغير معروفة، لكن الواقع يقول: إن محمد حسنين هيكل لا يوجد له ذكر في قائمة الصحفيين الكبار.

إسماعيل مروة

مشاركة المقال: