الأحد, 4 مايو 2025 08:36 AM

هيمنة المصارف الإسلامية: نمو صاروخي يكشف عن أزمة في القطاع المصرفي السوري التقليدي

هيمنة المصارف الإسلامية: نمو صاروخي يكشف عن أزمة في القطاع المصرفي السوري التقليدي

تكشف البيانات الأولية للمصارف السورية للعام 2024، أن إجمالي موجودات المصارف العاملة في سوريا بلغ 54.2 ترليون ليرة سورية، بنمو 29 بالمئة عن العام 2023 والتي بلغت 41.9 ترليون ليرة، موزعة بنسبة 46 بالمئة للمصارف الإسلامية و54 بالمئة للمصارف التقليدية. وتبين البيانات التي حصلت "الوطن" على نسخة منها أن هذا النمو كان مدفوعًا بشكل رئيسي بالمصارف الإسلامية، والتي شهدت ارتفاعًا في موجوداتها من 18.2 ترليون ليرة في 2023 إلى 25 ترليون ليرة في 2024 بمعدل نمو بلغ 37 بالمئة. في المقابل، نمت الموجودات للمصارف التقليدية بوتيرة أبطأ، من 23.7 ترليون ليرة في 2023 إلى 29 ترليون ليرة في 2024 – أي بنسبة 23 بالمئة.

الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي قال في تصريح لـ "الوطن": في ظلِّ التحديات الاقتصادية غير المسبوقة التي تواجهها سوريا، من تضخمٍ جامح وانهيارٍ في قيمة العملة المحلية وتداعيات العقوبات الدولية، يبرز القطاع المصرفي كأحد أهم الروافع المحتملة لتعافي الاقتصاد الوطني.

كما كشفت البيانات ارتفاع إيرادات المصارف العاملة في سوريا من 9.4 ترليون ليرة خلال 2023 إلى 27.1 ترليوناً بمعدل نمو بلغ 187 بالمئة، حصدت المصارف الإسلامية نسبة 93 بالمئة بقيمة بلغت 25 ترليوناً، بينما حازت المصارف التقليدية على 7 بالمئة بقيمة 2 ترليون. وفي التفاصيل توضح البيانات الأداء القوي للمصارف الإسلامية في السوق السورية، مع نمو ملحوظ في إيراداتها. حيث ارتفعت الإيرادات التشغيلية للمصارف الإسلامية من 1.8 ترليون ليرة في 2023 إلى 25.1 ترليون ليرة في 2024، بمعدل نمو مذهل بلغ 1241 بالمئة، مقارنة بالمصارف التقليدية التي شهدت إيرادتها انخفاضاً من 7.5 ترليون إلى 2 ترليون ليرة بمعدل تراجع بلغ 37 بالمئة.

واعتبر قوشجي أن تحقيق المصارف الإسلامية قفزةً في إيراداتها بلغ 1241 بالمئة، مسيطرةً على 93 بالمئة من إجمالي إيرادات القطاع، في حين انكمشت إيرادات المصارف التقليدية بنسبة 37 بالمئة، وهذا مؤشر إلى تحوُّل استراتيجي في ثقة الأفراد والمؤسسات نحو النموذج المصرفي الإسلامي القائم على المشاركة والمُرابحة، وربما هروبٌ من مخاطر النظام التقليدي في ظلِّ عدم الاستقرار النقدي.

تكشف البيانات انخفاض أرباح المصارف العاملة قبل الضريبة من 1.5 ترليون ليرة خلال 2023 إلى 528 ملياراً بمعدل انخفاض بلغ 66 بالمئة. بينما انخفضت أرباح المصارف التقليدية من 6.8 ترليونات إلى 919 ملياراً بمعدل انخفاض بلغ 87 بالمئة. وكانت المصارف الإسلامية الأقل تراجعاً بالنسبة للأرباح من قبل، حيث انخفضت أرباحها من 1.8 ترليون ليرة في 2023 إلى 25.1 ترليون ليرة في 2024، بمعدل نمو مذهل بلغ 1241 بالمئة، مقارنة بالمصارف التقليدية التي شهدت إيرادتها انخفاضاً من 7.5 ترليونات إلى 2 ترليون ليرة بمعدل تراجع بلغ 37 بالمئة.

وبعد استبعاد الضرائب البالغة نحو 135 ملياراً، واستبعاد فروقات أرباح أسعار الصرف غير المحققة والبالغة 829 تتحول أرباح المصارف في العام 2024 والبالغة 442 مليار ليرة إلى نمو بنسبة 52 بالمئة عن العام 2023، والتي كانت حوالى 291 مليار ليرة سورية. وتكشف التفاصيل عودة رجحان كفة المصارف الإسلامية بنسبة 64 بالمئة بقيمة 284.4 مليار ليرة، بينما بلغت حصة المصارف التقليدية 36 بالمئة بقيمة 157.6 مليار ليرة سورية. حيث بلغت نسبة نمو أرباح المصارف الإسلامية 97 بالمئة بالمقارنة مع العام 2023، والتي كانت 144 ملياراً، بينما بلغت نسبة نمو المصارف التقليدية 7 بالمئة، والتي كانت 146 مليار ليرة. حيث تؤكد البيانات الدور المتنامي للمصارف الإسلامية في السوق المصرفية السورية، والطلب المتزايد على الخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة. وتعكس النجاح الذي حققته هذه المصارف في جذب المزيد من الودائع والاستثمارات.

الخبير الاقتصادي رأى أن التحليل لا يقتصر على قراءة الأرقام، بل يسبر أغوار السياسات المالية والضريبية التي حوّلت انهيار أرباح القطاع قبل الضريبة من (66 بالمئة) إلى نموٍ بعدها بنسبة (52 بالمئة)، ويكشف عن دور العوامل الخارجية كالعقوبات وسياسات سعر الصرف في تشكيل واقع المصارف. إنها قصة صعود نموذج مصرفي جديد قد يُعيد رسم خريطة التمويل في سوريا، لكنها أيضًا جرس إنذار حول ضرورة إصلاح النظام المصرفي التقليدي قبل أن يتحول إلى عبءٍ إضافي على اقتصادٍ منهك.

وختم قوشجي بالقول: تُظهر البيانات المالية الحديثة للمصارف السورية (2023–2024) تحولات جذرية في هيكلية هذا القطاع، حيث تصدرت المصارف الإسلامية المشهد بنموٍ استثنائي في موجوداتها وإيراداتها وأرباحها، بينما تراجعت المصارف التقليدية إلى الخلفية، مُعلنةً عن أزمات هيكلية تعكس اختلالاتٍ عميقة في بيئة العمل المصرفي.

محمد راكان مصطفى

مشاركة المقال: