طلال ماضي: شهدت المكاتب الصحفية في سوريا تحولات جذرية عقب الأزمة السورية، حيث استُبدل الصحفيون ذوو الخبرة والكفاءات الإعلامية بأسماء جديدة تفتقر إلى الخبرة اللازمة في صياغة البيانات الصحفية، والتعامل مع وسائل الإعلام، وحتى في التغطية الإخبارية، مما أثر سلبًا على جودة المحتوى الإعلامي.
تقتصر البيانات الصحفية حاليًا على صور مقتضبة ونصوص موجزة، مما أفقدها قيمتها الإعلامية وأضعف التواصل بين الجهات الرسمية والصحفيين، بالإضافة إلى الأخطاء المتكررة التي تشمل تقديم أخبار غير مكتملة أو بلا هدف واضح.
يوجد في سوريا المئات من المكاتب الصحفية التابعة للوزارات والمؤسسات الحكومية والمحافظات، إلا أن تنظيم العمل الإعلامي تدهور بشكل ملحوظ، ولا يزال يواجه تحديات كبيرة. ففي معظم الدول، تعتمد وسائل الإعلام الرسمية على هياكل تنظيمية واضحة تضمن التواصل الفعال مع الصحفيين ونقل المعلومات بدقة وشفافية. لكن هذا الهيكل غائب في سوريا، حيث يدير المكاتب الصحفية أفراد يفتقرون إلى المؤهلات الإعلامية والتوصيف الوظيفي المناسب، وفي بعض الحالات، لا يخضعون لرقابة إدارية واضحة.
في جميع أنحاء العالم، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي للمؤسسات الحكومية المصدر الرئيسي لنشر البيانات الصحفية، إلا أن الأخطاء المتكررة في الصياغة والمعلومات أثارت انتقادات واسعة، كما أشارت صحيفة الرأي، مما يضعف مصداقية الجهات الحكومية ويؤثر على صورة الإعلام الرسمي.
لم يُحسم بعد ما إذا كانت المكاتب الصحفية ستتبع مباشرة لوزارة الإعلام، كما طالبت به أطراف عديدة، أم ستظل تحت إدارة الوزارات التابعة لها. يطالب الصحفيون بضرورة تعيين خريجي الإعلام والاستفادة من الخبرات القديمة في التعامل مع الصحفيين وإعداد البيانات الصحفية باحترافية.
أثار موضوع مركزية الأخبار جدلاً واسعًا، حيث يتم إرسال جميع البيانات الصحفية إلى وزارة الإعلام للموافقة عليها قبل نشرها، مما يؤدي إلى تأخير كبير في إصدار الأخبار وحذف بعض المواد الهامة. ويؤكد العديد من الصحفيين المخضرمين أن هذه الإجراءات تعيق العمل الإعلامي.
ينتظر الجميع من وزير الإعلام الجديد تنظيم عمل المكاتب الصحفية ومنحها حرية أكبر في إصدار البيانات بالتنسيق مع الوزارات المعنية، ومنحها الحرية في تلقي الأسئلة من الصحفيين وتوفير الإجابات الدقيقة، أو وصل الصحفي بالمسؤول المختص للحصول على المعلومة الصحيحة.
هناك حاجة ملحة لوضع إطار تنظيمي واضح يضمن جودة البيانات الصحفية ويعزز دور الإعلام الرسمي في نقل المعلومات بدقة وشفافية. إصلاح المكاتب الصحفية في سوريا يتطلب إرادة حقيقية لمتابعة العمل الصحفي وفق المستوى الذي وصلت إليه المكاتب قبل الأزمة، والبناء نحو الأفضل. والجميع بانتظار توجهات جديدة لوزير الإعلام تعيد للإعلام السوري مكانته المهنية.
(اخبار سوريا الوطن ٢-A2zsyria)