الإثنين, 19 مايو 2025 04:48 AM

وهم أم حقيقة: قصة شاب ظن نفسه حبة قمح.. وهل يمكن إقناع الدجاج؟

وهم أم حقيقة: قصة شاب ظن نفسه حبة قمح.. وهل يمكن إقناع الدجاج؟

كثيراً ما نسمع من يقول: هذا رأيي، أو في رأيي.. أو، هذه وجهة نظري.. أو، هذه قناعتي.. أو هذا موقفي. السؤال: كيف يتكون الرأي؟ وبناء على ماذا تتشكل وجهة النظر؟ والأهم، كيف تتم القناعة؟ من أجل اتخاذ الموقف!

نقرأ قصة، ونختلف في فهم مضمونها، وهنا، يقال تعجبني أو لا. وكذلك الأمر عند قراءة قصيدة ما، أو رواية، أو مسرحية!! وكذلك عند مشاهدة لوحة فنية، والمسألة هنا تتعلق بثقافة المرء الجمالية والفنية، وغنى معرفته بالمدارس الأدبية والنظريات الجمالية، والأهم: ذائقته الجمالية والفنية.

ولكن، إذا عممنا هذا السؤال على القضايا الاجتماعية والسياسية، و، و، حقاً، لماذا الخلاف والاختلاف، إذا كانت الأمور واضحة، ولا غموض فيها. وسيقال: الخلاف لا يفسد للود قضية.. ويقال: هذا يتعلق بالعقيدة، ومقياس التسامح، ومقياس التعصب. والتعصب يعمي ويصم.

كنت دائماً، وما زلت مع الرأي والرأي الآخر، أي مع الحوار الناجع، شرط أن يسمع أحدنا للآخر. شرط أن يفهمه ويستوعبه، ويصغي إليه. أما إذا كان الحوار، كما يقولون، مثل حوار الطرشان، وكل مستبد برأيه، فإن الحوار يكون مضيعة للوقت.

كما حصل مع مريض نفساني: "يحكى أن شاباً مرض مرضاً نفسياً، كاد أن يودي بحياته، وقد شكل أزمة حقيقية لأهله وأقاربه، لاسيما، انه كان طالبا ذكياً مجتهدا. لكن مرضه النفسي كان غريباً، وهو يتخيل أنه (حبة قمح)، ولذا فهو لا يخاف أحداً، حتى لا يهاب الأسود، ولا الذئاب ولا الضباع، ولكن يخاف من الدجاجات والديوك، وحتى من الصيصان.

عرض أهل المريض ابنهم على كافة الأطباء المختصين، لكن لم يُشف الشاب. وحار أطباء متخصصون في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في أمر هذا المرض، فهم يعرفون حالات الانفصام، والوسواس القهري، والسيكوباتيا، والقلق، والإكتئاب..إلى آخر مصطلحات الأمراض النفسية..لكن "شاب طويل عريض وسيم، يتخيل نفسه (حبة قمح)! لم تمر عليهم حالة كهذه، ولم يجدوا لها الدواء.

وقال أحد الأطباء الذي يقضي ساعات طويلة في مستشفى ابن سينا (العصفورية).. صحيح، صحيح أن الجنون فنون. ولا يوجد مريض نفسي يشبه الآخر، ولا يوجد مجنون يشبه الآخر".

انتشر خبر مرض هذا الشاب، فجاء إلى أهله طبيب شعبي، يداوي بالأعشاب، يداوي حتى الأمراض المستعصية، ومنها بعض حالات الجنون، وبعد أن تحدث مع الشاب، وسأله عدة أسئلة، تكفل هذا الطبيب أن يشفي المريض، خلال شهر ولا يتقاضى أجراً إلا بعد أن يُشفى ويتعافى تماما. وافق الأهل، واصطحب الطبيب الشاب، وقام بعلاجه، وقد استطاع الطبيب أن يقنع الشاب أنه ليس حبة قمح، وأنه واهم وذلك وهمْ، وفرح الطبيب بهذا الإنجاز.

وكانت فرحة الأهل لا توصف بهذه النتيجة، وأن الأبن عاد طبيعياً، وشُفي من هذا المرض. وجاء الجيران للتهنئة، والأقارب، وعم الفرح الجميع، لكن قبل أن يستلم الطبيب المكافأة المجزية، والناس يتحلقون حول الشاب والطبيب، قامت الأم كي تتأكد من شفاء ابنها، وفتحت قن الدجاجات، وما أن وقعت عين الشاب على الدجاجات، حتى قفز راكضا واختبأ.

أبعدوا الدجاجات، وقالوا له: الحمد لله على السلامة، على أساس أنك شُفيت وتعافيت، وأنت لست حبة قمح؟! فقال: أنا أعرف أني لست حبة قمح، ولكن اقنعوا الدجاجات أني لست حبة قمح. الدجاجات يروني حبة قمح..

وهنا بيت القصيد، ومربط الفرس: اقنعوا الدجاجات.. فالطبيب عالج المريض. لكن لم يقنع الدجاجات. ومن يستطيع إقناع الدجاجات؟! وهل يمكن إقناع الدجاجات…؟! ومتى يمكن …!!

(موقع أخبار سوريا الوطن-٢)

مشاركة المقال: