المركزي السوري يطلق مرحلة جديدة من الانفتاح المصرفي بعد حوار مع القطاع الخاص

استقبل حاكم مصرف سورية المركزي، عبد القادر حصرية، وفداً مشتركاً من غرفة تجارة دمشق، وغرفة تجارة ريف دمشق، وغرفة صناعة دمشق وريفها، لبحث مستجدات السياسة النقدية والتحديات التي تواجه القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها آليات السحب النقدي من المصارف.

وأكد الحاكم أن اللقاء يشكّل انطلاقة لتواصل دائم بين المصرف المركزي والقطاع الخاص بحسب الصفحة الرسمية للغرفة. إن تحقيق الاستقرار النقدي يتطلب تعاوناً وثيقاً مع القوى الاقتصادية الفاعلة.

وعرض حصرية الملامح الاستراتيجية الجديدة للمصرف، والتي ترتكز على السياسة النقدية المستقلة من خلال تفعيل أدوات السياسة النقدية للمصرف المركزي مثل (سعر الخصم –عمليات السوق المفتوحة – أسعار الفائدة – سندات الخزينة) ، والاستقرار المالي من خلال معالجة المشاكل التي يعاني منها القطاع المصرفي وإعادة إصلاحه بشكل شامل، مع تحوّل دور المصرف المركزي من جهة رقابية صارمة إلى شريك داعم لتحقيق أهداف القطاع المصرفي، وتفعيل أنظمة الدفع الحديثة وإطلاق استراتيجية وطنية لتقليل الاعتماد على التداول النقدي (الكاش)، وتحديث البنية التحتية للدفع الإلكتروني، تنظيم سوق القطع الأجنبي بما يتماشى مع السياسات الحكومية، وتوفير آليات تسعير شفافة تحمي المتعاملين وتحدّ من الفوضى والمضاربة.

وأشار الحاكم إلى أن تاريخ 7 أيار من هذا العام (وهو تاريخ صدور تعميم مصرف سورية المركزي رقم 1831/16 الذي سُمح بموجبه للمصارف بتمكين أصحاب الحسابات الجارية المغذاة نقداً وحسابات الودائع لأجل بكل العملات والمودعة بعد تاريخ 7/5/2025 من السحب من هذه الحسابات بحسب رغبتهم في أي وقت ومن دون سقف محدد ومهما كان سحب المبلغ) يمثل بداية لمرحلة جديدة من التصحيح والانفتاح، بعد سنوات من فقدان الثقة والارتباك، مؤكداً احترام المصرف لأموال المواطنين، والعمل على إعادة بناء العلاقة بين الجهاز المصرفي والمجتمع.

وبيّن حصرية أنه تم توجيه المصارف لتجاوز دورها التجاري التقليدي، والتحول إلى مؤسسات تنموية تخدم المجتمع وتستجيب لاحتياجات الزبائن، قائلاً إن الزبون يجب أن يكون “محور العمل المصرفي”.

وفي الشأن الخارجي، شدد الحاكم على ضرورة إعادة اندماج سوريا بالنظام المالي العالمي والحصول على تصنيف سيادي يُسهم في خفض تكلفة التمويل، مؤكداً أن هذه الخطوة أساسية لإعادة الإعمار.

وعبر الحاكم خلال حديثه عن تفاؤله، مشدداً على أن المصرف المركزي، والمصارف، والقطاع الخاص شركاء حقيقيون في المرحلة المقبلة، داعياً الجميع للعمل بروح جماعية لبناء سوريا تقوم على الثقة والشفافية والنمو المستدام.

من جهتهم ركز أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، على جملة من القضايا المصرفية والمالية الملحة التي تمس مصالح قطاع الأعمال والمواطنين على حد سواء، مؤكدين أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دعم الاستقرار الاقتصادي وتطوير الخدمات المالية.

ومن أبرز النقاط التي تم طرحها من ممثلي غرفة تجارة دمشق، إيجاد آلية واضحة لرد الأموال المودعة في المنصة الإلكترونية الخاصة بالمستوردين، ومعالجة اختناقات السيولة وخاصة لدى الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية، التي تعتمد على التبرعات في تمويل أنشطتها، وطُلب دعم مصرفي يضمن استمرارية عملها الإنساني ، والسماح بفتح الاعتمادات لدى المصارف الوطنية، ما يسهّل عمليات الاستيراد، ويخفف الضغط على السوق السوداء للعملات، وتقديم فوائد على الحسابات الجارية كحافز لتشجيع الأفراد والمؤسسات على التعامل المصرفي وتقليل الاعتماد على الكاش، وتعزيز ثقافة الدفع الإلكتروني، ودراسة شراكة استراتيجية للمصرف التجاري السوري مع جهات محلية أو دولية للاستفادة من انتشاره الواسع وتحسين جودة خدماته، وتمكين المصارف من قبول الودائع بالدولار واليورو وغيرهما مع فائدة، والسماح لها بمنح القروض بهذه العملات ضمن أطر قانونية، ما يعزز قدراتها التمويلية، وطلب رؤية واضحة حول سعر الصرف للعام الحالي بغرض تمكين القطاع التجاري من اتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة وتقليل هامش المخاطر الناتجة عن التقلبات غير المفهومة، واقتراح إنشاء صندوق سيادي يتيح للأفراد والشركات الداخلية والخارجية دعم المشاريع الوطنية التنموية أو الإنسانية، تحت إشراف مؤسسات رسمية تضمن الشفافية والحوكمة، إضافة للمطالبة بتوسيع شبكة الصرافات الآلية، ولاسيما في المناطق الريفية التي تعاني من ضعف في الخدمات المصرفية، بهدف تعزيز الشمول المالي وتسهيل عمليات السحب للمواطنين والموظفين.

وقد أجاب الحاكم على جميع النقاط المطروحة موضحاً أن المصرف المركزي يعمل على تمكين المستوردين من استخدام أموال المنصة الإلكترونية عبر السحب النقدي، أو التسديد بالتحويلات المصرفية، أو تحويلها إلى الدولار، كما سُمح لهم بشراء القطع الأجنبي من أي مصرف لديه حوالات خارجية. وبالنسبة للجمعيات الخيرية، يجري إعداد دراسة لاستثنائها من السقوف اليومية للسحب، بما يضمن استمرارية أعمالها، وفي شأن الاعتمادات المصرفية.

وأوضح الحاكم أن المصرف يتجه نحو تفعيل دور القطاع المصرفي في تمويل التجارة الخارجية ضمن حدود العقوبات المفروضة، مشيراً إلى أن المصرف يدرس تقديم فوائد على الحسابات الجارية، ويعمل على تفعيل استراتيجية وطنية للدفع الإلكتروني تشمل التوعية المجتمعية وتطوير بنية الدفع الرقمي، من خلال تأسيس مجلس وطني مخصص لذلك. كما أكد الحاكم دراسة مقترحات لتوسيع التعاون مع جهات داخلية وخارجية لتطوير جودة الخدمات المصرفية. أما بخصوص الودائع والقروض بالعملات الأجنبية، فأوضح أنه يسمح بفتح الحسابات وسحب القروض بالعملات المسموح بها وفق الضوابط القانونية.

وأبدى ترحيبه بفكرة إنشاء صندوق سيادي، مشيراً إلى الحاجة لدراسة آليات تطبيقه بما يضمن الشفافية والحوكمة. كما أكد العمل على دراسة توسيع شبكات الصرافة لتشمل المناطق الريفية دعماً للشمول المالي.

وفي نهاية الاجتماع بيّن الحاكم أن مصرف سورية المركزي سيقوم بدراسة جميع الطروحات التي تم تقديمها من ممثلي غرف التجارة والصناعة خلال الاجتماع معرباً عن حجم الجهود المبذولة من المصرف المركزي لجميع الإجراءات التي من شأنها إعادة الثقة بالقطاع المصرفي والتي هي مفتاح التعافي الاقتصادي السريع.

الوطن