صعود الذهب: كيف تعيد البنوك المركزية تشكيل سوق المعدن النفيس في عالم مضطرب؟


هذا الخبر بعنوان "الذهب في الميزان: كيف تُعيد البنوك المركزية تعريف قيمته في عالم متغيّر؟" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٩ حزيران ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في خضمّ التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة، يبرز الذهب كـ "ملاذ آمن" لا يزال يحافظ على بريقه. لكن في عام 2025، تتجاوز أهميته الدور التقليدي، ليصبح محوراً استراتيجياً في محافظ البنوك المركزية، التي تقود ارتفاع أسعاره.
هذه الظاهرة، التي تمثل تحولاً تاريخياً في مسيرة الذهب، تثير تساؤلات حول دوافع هذه المؤسسات السيادية لضخ سيولة هائلة في سوق الذهب، وكيف سيؤثر هذا السلوك على مستقبل المعدن النفيس.
يد خفية وراء الصعود
منذ بداية عام 2025، أصبح الذهب بمثابة "ترمومتر" يعكس حالة الاقتصاد العالمي، حيث سجل ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 25.6%. ووصل سعر الأوقية عالمياً إلى 3292.96 دولاراً في 30 مايو. وعلى الرغم من التراجع الطفيف الذي شهده الذهب خلال مايو بنحو 1.29%، إلا أنه أظهر مرونة مدفوعة بعمليات شراء قوية من البنوك المركزية.
الارتفاعات الحالية ليست مجرد تحركات سعرية عابرة، بل تعكس تحولات هيكلية في الاقتصاد العالمي. ففي ظل هشاشة النظام المالي الدولي وتصاعد التوترات الجيوسياسية، يمثل الذهب ضرورة استراتيجية في الأسواق العالمية، ويعزز قيمته كمخزن للثروة في الأوقات المضطربة.
دوافع استراتيجية
إن دوافع البنوك المركزية لشراء الذهب تتجاوز التحوط من التضخم وإدارة أسعار الفائدة، وتشمل عوامل استراتيجية أعمق:
سباق الذهب
التوترات التجارية والجيوسياسية بين القوى الكبرى، وخاصةً سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه الصين، تدفع الأسواق نحو الذهب كملاذ آمن. أي إشارة إلى تصعيد حرب التعريفات الجمركية أو التفكك الاقتصادي بين واشنطن وبكين تدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة، وعلى رأسها الذهب.
إحصائيات عالمية تؤكد التوجه
تُظهر إحصائيات مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية واصلت تعزيز احتياطياتها من الذهب في الربع الأول من عام 2025، حيث أضافت نحو 244 طناً إلى احتياطياتها الرسمية العالمية.
تصدرت بولندا قائمة المشترين (49 طناً)، تلتها الصين (13 طناً)، ثم صندوق النفط الحكومي الأذربيجاني (SOFAZ) (نحو 19 طناً). وشملت القائمة أيضاً كازاخستان وجمهورية التشيك وتركيا والهند وقطر ومصر.
على الرغم من أن هذا الرقم أقل من مشتريات الربع الأول من عام 2024، إلا أنه يبقى مرتفعاً مقارنة بالمتوسطات التاريخية.
هذه المشتريات المؤسسية الهائلة تؤكد أن القوى الفاعلة في الاقتصاد العالمي تستعد لمستقبل قد يشهد اضطرابات أكبر، وتعتبر الذهب الضمانة الأكثر موثوقية في مواجهة هذه التحديات. فالذهب لم يعد سلعة تخضع للعرض والطلب، بل أصبح مؤشراً على الثقة في النظام المالي العالمي.
إن الدور المتزايد للبنوك المركزية في سوق الذهب يعيد تشكيل فهمنا لقيمة المعدن الأصفر، ويرسخ مكانته كدرع سيادية لا غنى عنه في أوقات اللايقين.
* باحث اقتصادي ومتخصص في أسواق المال
سياسة
سياسة
سياسة
اقتصاد