الإثنين, 16 يونيو 2025 08:37 PM

بذور مجهولة تغزو حقول سوريا: هل تقضي على محصول القمح وتفاقم أزمة الغذاء؟

بذور مجهولة تغزو حقول سوريا: هل تقضي على محصول القمح وتفاقم أزمة الغذاء؟

يبدو أن قلة الأمطار ليست السبب الوحيد في تراجع إنتاج القمح في سوريا هذا العام. الخبيرة الزراعية “انتصار الجباوي” تكشف أن استخدام بذور مجهولة المصدر، خاصة في المحافظات التي شهدت هطول أمطار معقول، هو أحد الأسباب الرئيسية.

وفي تصريحات نقلتها صحيفة، أكدت “الجباوي” أن البذور مجهولة المصدر، القادمة من دول الجوار أو الأسواق غير النظامية، ليست مجرد مدخل تقني، بل هي حجر الزاوية في تحقيق الغلة والإنتاج والاستدامة الزراعية.

وأشارت إلى أن ارتفاع أسعار البذور المحسّنة أو عدم توافرها في الوقت المناسب دفع الكثير من المزارعين للاعتماد على بذور غير موثوقة، بعضها يحمل أمراضاً كامنة أو لا يتلاءم مع البيئة الزراعية السورية.

ولخصت الخبيرة الزراعية أبرز المشكلات الناتجة عن استخدام بذور مجهولة المصدر في عدم توافقها مع الظروف البيئية المحلية، مما يؤدي إلى ضعف الإنبات وعدم تحمل الجفاف أو درجات الحرارة المرتفعة، إضافة إلى ضعف مقاومتها للأمراض.

وسُجلت حالات انتشار لأمراض فطرية كالصدأ والتفحم بسبب استخدام بذور ملوثة أو ضعيفة المقاومة، ما أثّر سلباً على جودة الحبوب وكميات الإنتاج.

وأوضحت “الجباوي” أن البذور في بعض الحقول لم تكن من صنف موحد، بل مزيج من أصناف مختلفة من حيث موعد النضج وارتفاع النبات ومقاومة الأمراض، ما صعّب عمليات الحصاد وأثّر على المحصول الكلي.

وتحدثت عن تراجع نسب الإنبات في بعض الحقول لتصل إلى أقل من 50%، وفق تقارير ميدانية، ما يعني خسائر مباشرة للمزارع وزيادة في تكاليف الإنتاج.

المسؤولية ليست على الفلاح وحده

وفيما يتعلق بالمسؤولية، بيّنت الجباوي أن الفلاح لا يتحملها وحده، بل هو ضحية لضعف الرقابة، وغياب الدعم الكافي بالبذور المحسّنة، وعدم توفر مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب. وأشارت إلى أن دخول كميات كبيرة من البذور الرديئة عبر المعابر والأسواق غير المنضبطة فاقم المشكلة.

واقترحت “الجباوي” جملة من الحلول، أبرزها توسيع إنتاج البذور المحسّنة محلياً، ودعم مؤسسة إكثار البذور لتغطية احتياجات الفلاحين، إضافة إلى تشديد الرقابة على المعابر والأسواق لمنع دخول وتداول البذور غير المعتمدة، وتفعيل الإرشاد الزراعي لتوعية الفلاحين بالمخاطر، وإجراء اختبارات مخبرية للبذور التجارية قبل استخدامها.

واختتمت حديثها بالتأكيد على أن استمرار الاعتماد على بذور مجهولة المصدر قد يشكل تهديداً مباشراً، ويقوّض جهود الدولة نحو استعادة الاكتفاء الذاتي من القمح، ما يتطلب تحركاً عاجلاً لضبط هذه الظاهرة وتوفير بدائل آمنة وفعالة تضمن استقرار الإنتاج الزراعي.

وتشير التوقعات الأولية إلى أن إنتاج سوريا من القمح هذا العام لن يتجاوز 750 ألف طن، بينما كان في العام الماضي مليوني طن، أما قبل عام 2011، فكان الإنتاج السنوي يصل إلى نحو 4 ملايين طن تكفي السوق المحلية ويتم تصدير الباقي.

مشاركة المقال: