الخميس, 19 يونيو 2025 10:43 PM

تغيرات القيم في سوريا ما بعد الثورة: نظرة على مفهومي "العيب والواجب"

تغيرات القيم في سوريا ما بعد الثورة: نظرة على مفهومي "العيب والواجب"

في المجتمعات المحافظة كالمجتمع السوري، لطالما شكلت مفاهيم "العيب والواجب" ضوابط أخلاقية واجتماعية أقوى من القانون نفسه. كان "العيب" أشدّ وقعاً من العقوبة، و"الواجب" أصدق من أي تعميم رسمي.

لكن السنوات الأخيرة، خاصة بعد الحرب والانهيار الاقتصادي، أدت إلى تغير هذه المفاهيم، وربما تآكلها أو إعادة تعريفها. فما الذي حصل؟

حين يجوع الناس، تنهار المنظومات الأخلاقية القديمة، لا لأنهم أصبحوا سيئين، بل لأن الأولويات تتغير. الفتاة التي تعمل لتعيل أهلها قد يراها البعض بعين الشك، رغم أنها تقوم بواجب إنساني. الابن الذي هاجر وترك والديه لم يعد عاقاً كما في السابق، بل مُجبراً. الرجل الذي لا يستطيع زيارة أقاربه أو حضور جنازة لا يُلام كما كان من قبل.

هنا يظهر دور النظام السابق: ما فعله النظام دون تصريح هو تفكيك البنية الأخلاقية للمجتمع، ثم الادعاء بحمايتها. ركز على مظهر "العيب" (اللباس، الكلام، السلوك الخارجي) وتجاهل جوهر "العيب" الحقيقي: الظلم، الكذب، النفاق، الفساد. ضخّم "الواجب" تجاه الدولة والقائد والجهات المختصة، بينما قلّل من قيمة الواجب الحقيقي تجاه الناس، تجاه الحق، تجاه الوطن.

في سوريا، أصبح من "العيب" أن تنتقد الظلم، ومن "الواجب" أن تصفق له.

اليوم، نحن أمام لحظة إعادة تعريف: هل العيب هو أن تتحدث عن معاناتك، أم أن تصمت خوفاً؟ هل الواجب هو أن تكرر ما يُملى عليك، أم أن تكون صادقاً مع نفسك والناس؟ هل السترة الحقيقية أن تخفي الحقيقة، أم أن ترفع صوتك بالكرامة؟

ما نحتاجه ليس التخلص من مفاهيم العيب والواجب، بل تحريرها من التزييف السياسي والاجتماعي الذي فُرض علينا لعقود.

هل لاحظت تغيّر هذه المفاهيم في محيطك؟ هل ترى أننا نعيد اكتشاف "الواجب والعيب" بمعناهما الأصيل؟ أم أننا دخلنا مرحلة الفوضى الأخلاقية؟

وللحديث تتمة (موقع اخبار سوريا الوطن-٢)

المهندس نضال رشيد بكور

مشاركة المقال: