الثلاثاء, 24 يونيو 2025 04:12 PM

تصاعد الاختلالات في الدفاعات الإسرائيلية: الصواريخ الإيرانية تفرض حرب استنزاف على إسرائيل

تصاعد الاختلالات في الدفاعات الإسرائيلية: الصواريخ الإيرانية تفرض حرب استنزاف على إسرائيل

أفاد أحمد العبد بتعرّض إسرائيل، أمس، لقصف صاروخي جديد مصدره إيران، يُعدّ الأطول مدّة، حيث دوّت صفارات الإنذار بشكل متواصل لأكثر من ساعة في مختلف أنحاء فلسطين المحتلة، من شمالها إلى أقصى جنوبها، وذلك عقب أربع موجات من القصف، وفقاً لما أعلنته الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

ويبدو أن الصواريخ الإيرانية قد أصابت أهدافاً في شمال فلسطين وجنوبها، من بينها محطّة توليد الكهرباء في أسدود، حيث أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية عن انقطاع التيار الكهربائي عن أكثر من 8 آلاف منزل في المدينة، بعد إصابة منشأة طاقة «استراتيجية» هناك، حسب تأكيد شركة الكهرباء. كما أصيبت أهداف في مدينة صفد، لم تفصح سلطات الاحتلال عن طبيعتها، فيما اندلعت حرائق عدّة نتيجة سقوط أحد الصواريخ أو شظاياه، ما اضطرّ السلطات إلى تعليق جلسات «الكنيست»، وإخلاء الموجودين فيه إلى الملاجئ.

واعترفت «القناة الـ13» العبرية بأن أربعة صواريخ إيرانية أصابت أهدافاً داخل إسرائيل، ثلاثة منها في الجنوب وواحد في الشمال، بينما أشارت تقارير أخرى إلى سقوط صاروخ إيراني جنوب القدس المحتلة. وتحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن تقديرات بإطلاق 8 صواريخ في الجولة الأخيرة، ما يعني أن نسبة الفشل في الاعتراض بلغت 50%، استناداً إلى المعطيات الإسرائيلية. وبالتزامن مع القصف الإيراني، واجه مطار بن غوريون أزمة تمثّلت في عدم تمكّن خمس طائرات أجنبية من الهبوط، ما أجبرها على التحليق في الجوّ لنحو ساعة.

ورسّخت جولة القصف الإيراني الجديدة، صباح أمس، ظاهرة باتت تقلق المؤسسة الأمنية، وتحرجها، وهي محدودية الصواريخ الاعتراضية. وفي هذا السياق، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن إيران أطلقت، منذ بداية المواجهة، ما يزيد على 500 صاروخ، إضافة إلى أكثر من 1000 طائرة مُسيّرة هجومية، ما شكّل ضغطاً كبيراً على أنظمة الدفاع الجوّي الإسرائيلية. وكان جيش الاحتلال قد فتح تحقيقاً حول الأضرار التي لحقت بمدينة حيفا جرّاء سقوط صاروخ إيراني، أول أمس، بعد فشل أنظمة الدفاع في إطلاق تحذير أو اعتراضه، علماً أن الجيش الإسرائيلي تراجع عن ادّعائه سقوط صاروخ اعتراضيّ في المدينة، ليؤكد أن صاروخاً إيرانيّاً هو الذي سقط من دون تفعيل صفارات الإنذار في المدينة.

كما أشارت تقارير إسرائيلية إلى وجود خلل كبير في منظومة الدفاعات الجوية نتيجة عدم رصد الصاروخ خلال رشقة أُطلقت من إيران، بينما ذكرت الجبهة الداخلية وسلاح الجو الإسرائيليّان، في تحقيق مشترك، أنه «نتيجة خلل موضعي في الرصد، سقط رأس صاروخ حربي في حيفا من دون إنذار مُسبق». وقال الجيش، في بيان، إن منظومات الدفاع الجوّي لا تؤدّي عملها بشكل كامل ومثالي في توفير الحماية، بينما لفت مصدر فيه إلى أن «الحدث كان محفوفاً بالحظّ الكبير، إذ إن الصاروخ سقط قرب شخص كان موجوداً على بعد بضعة أمتار، وقد أصيب بجروح طفيفة نتيجة ذلك».

وعلى الصعيد الاقتصادي، كشفت صحيفة «ذا ماركر» الاقتصادية، نقلاً عن مسؤول في المالية الإسرائيلية، أن الأضرار المباشرة للقصف الإيراني على إسرائيل تُقدَّر بنحو 5 مليارات شيكل، وأن الأضرار المباشرة على الجبهة الداخلية، منذ السابع من أكتوبر وحتى الحرب مع إيران، تُقدّر بنحو 2.5 مليار شيكل. ويأتي ذلك فيما يظهر أن أسلوب القصف الإيراني اختلف في الأيام الماضية، ما بدأ يثير قلقاً في إسرائيل؛ فبدلاً من قصف مكثّف بمئات الصواريخ، تلجأ طهران إلى القصف المتقطّع، وعلى دفعات متلاحقة، في فترة زمنية طويلة، مستهدفةً مناطق واسعة وأهدافاً نوعية، وهو ما يثير تساؤلات داخل الكيان حول نيّة الجمهورية الإسلامية الدخول في حرب استنزاف طويلة، ومدى جاهزية الجبهة الداخلية لمواجهة حرب من هذا النوع.

وإزاء ذلك، أفادت مصادر عبرية بأن «إسرائيل تبحث عن مخرج سريع من الحرب»، لتجنّب حرب استنزاف طويلة، وحصد النتائج السياسية لِما تحقَّق من ضربات عسكرية موجعة لإيران، والحيلولة دون تآكل قوّة الردع وفقدان الزخم المحلي والإقليمي والدولي. ووفقاً لـ»القناة الـ12»، فإن التقديرات تشير إلى تحقيق جميع الأهداف في إيران «خلال أيام»، ومن ثم سيكون في الإمكان إنهاء الحرب، وذلك استناداً إلى ما قاله بنيامين نتنياهو، مساء الأحد، من أن تل أبيب «قريبة» من تحقيق أهداف الحرب.

وقالت القناة إن تل أبيب تُقدّر أن عمليتها ستنتهي، بصيغة «الهدوء مقابل الهدوء»، في حين تريد واشنطن «الانسحاب في الذروة»، خشية «الانجرار إلى حرب استنزاف»، على أن تبقى للأولى حرّية التصرّف في القصف والاستهداف واستباحة الأجواء الإيرانية. وفي هذا الإطار، رأى رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، أول أمس، أن إسرائيل حقّقت «العديد من الإنجازات» ضمن ضرباتها على إيران، مشدّداً على أن استهداف واشنطن لمنشآت نوويّة في إيران، يُعدّ «نقطة تحوّل» في الحرب.

مع ذلك، يسود قلق في إسرائيل من تركيز إيران على حرب استنزاف تتآكل بفعلها الإنجازات مع مرور الوقت، وتتفاقم الأضرار الاقتصادية والمادية. وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية أن الرأي السائد في جهاز الأمن الإسرائيلي، هو أنه «يجب استغلال نقطة الذروة الحالية من أجل تقييد إيران باتفاق (نووي) صارم، وإلى جانبه عقوبات مشدّدة، تشمل القضية النووية والصواريخ الباليستية ونشر الإرهاب. وفي موازاة ذلك، بإمكان إسرائيل التقدّم، وهو ما يأملونه في واشنطن أيضاً، نحو توسيع اتفاقات أبراهام، وإبرام تحالفات عسكرية وسياسية واقتصادية إقليمية قوية، تضع مصاعب أمام ترميم قدرات إيران».

أمّا المحلل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، فقال إنه على إسرائيل مطالبة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأن «يفرض على إيران وعلينا وقف إطلاق نار. وليس بعد أسبوعين أو شهر، وإنّما الآن، لأننا وصلنا إلى النقطة التي من بعدها ستتراجع الإنجازات، والأثمان المحتملة سترتفع».

وأضاف برنياع أن رئيس الحكومة الإسرائيلية أقنع ترامب بمهاجمة إيران، لكنّ «نتنياهو تمكّن من إدخالنا إلى إيران، لكنّ ثمة شكاً في إذا كان سيتمكّن من إخراجنا من هناك. وكما هو الحال في غزة، يواجه نتنياهو صعوبة في إنهاء الحرب، وبإمكان ترامب فقط فعل ذلك». وتابع برنياع أن «الحلّ الأمثل بالنسبة إلى إسرائيل هو وقف إطلاق نار كمطلب أميركي وبعده مفاوضات حول اتفاق نووي جديد. والسؤال حول ما إذا كان سيُسمح لإيران، في وضعها الحالي، بتخصيب يورانيوم بنسبة هامشية، متعلّق بترامب أكثر ممّا هو متعلّق بمصلحة حقيقية أميركية وإسرائيلية».

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

مشاركة المقال: