السبت, 28 يونيو 2025 06:00 PM

تفاقم أزمة النظافة في درعا: شكاوى متزايدة وتجاهل للحلول

تفاقم أزمة النظافة في درعا: شكاوى متزايدة وتجاهل للحلول

تشهد محافظة درعا أزمة حادة في خدمات النظافة، حيث يتذمر السكان من تراكم النفايات في الشوارع والأحياء السكنية، مع ضعف واضح في استجابة المجالس المحلية وتراجع القدرات التشغيلية للبلديات، خاصة في مدن وبلدات مثل إزرع، جلين، نوى، والصنمين. هذا الوضع لا يهدد الصحة العامة فحسب، بل يعكس أيضًا تزايد فقدان ثقة المواطنين بالمؤسسات الخدمية.

إزرع: النفايات تغزو الشوارع والبلدية تعاني

في مدينة إزرع، أعرب المواطن "أبو أيوب" عن استيائه قائلاً: "لا توجد استجابة حقيقية، مجرد وعود وتسويف، ويجب إعادة النظر في أداء رؤساء المجالس لعدم كفاءتهم." وأشار إلى أن تكرار الأزمة وعدم اتخاذ إجراءات فعالة يضعف ثقة الأهالي بالمجالس المحلية ويعزز الشعور بالتهميش. من جانبه، أوضح رئيس مجلس مدينة إزرع، ميسر أبو شهاب، أن البلدية تعاني من نقص حاد في الآليات، حيث تملك شاحنتين لجمع القمامة، إحداهما معطلة والأخرى قيد التصليح في دمشق، بالإضافة إلى تلف معظم الحاويات ونقص العمال وغياب المعدات المساندة. وعلى الرغم من مساهمة المجتمع الأهلي بتقديم 50 برميلًا مؤقتًا وتنفيذ مديرية الخدمات الفنية ثلاث حملات تنظيف، إلا أن ذلك لا يكفي لتلبية الحاجة المتزايدة، خاصة بعد ازدياد عدد السكان نتيجة موجات النزوح الأخيرة.

جلين: جهود تطوعية في ظل نقص الإمكانيات

في بلدة جلين، ذكر المواطن محمد كعبور أن نقص الوقود دفع السكان للتخلص من النفايات بشكل عشوائي بالقرب من المناطق السكنية، مما أدى إلى انتشار الحشرات وزيادة المخاوف من الأمراض. وأكد أن بعض الأهالي أطلقوا مبادرات تطوعية، لكنها لا تستمر طويلاً دون دعم رسمي. وأفاد رئيس بلدية جلين، أبو منير: "الإمكانيات ليست ضعيفة، بل معدومة. نعتمد على التبرعات لإصلاح الآليات أو شراء الوقود." وأضاف أن هناك تفاوتًا بين البلديات، حيث تمتلك بعض المجالس مشاريع استثمارية تدر دخلاً وتسمح بتقديم خدمات أساسية، بينما تعتمد الغالبية – ومنها جلين – بشكل كامل على الدعم الحكومي المحدود.

الصنمين: نظافة ظاهرية في المراكز وتهميش للأحياء

في مدينة الصنمين، بين المواطن محمد لباد أن النظافة تقتصر على الشوارع الرئيسية، بينما تُهمل الأحياء الداخلية بسبب قلة العمال، وضعف توفر الوقود، ونقص الآليات. وأشار إلى وجود تعاون شعبي محدود، لكنه غير كافٍ لتغطية الاحتياج المتزايد في ظل الأوضاع الراهنة.

نوى: وضع بيئي مقلق ومخاوف صحية حقيقية

في مدينة نوى، وصف المواطن أحمد الجهماني الوضع بـ "المقلق"، مشيرًا إلى أن الروائح الكريهة والحشرات والكلاب الضالة أصبحت جزءًا من الحياة اليومية، مع تزايد مخاوف السكان من أمراض جلدية وتنفسية تهدد كبار السن والأطفال. وأكد رئيس بلدية نوى، أحمد أبو السل، أن أسباب التدهور تعود إلى نقص الكوادر وغياب المعدات والاعتماد على الآليات القديمة بإمكانات تمويلية محدودة، مشيرًا إلى أن المدينة بحاجة إلى دعم تشغيلي دائم وعدد أكبر من العمال وحاويات جديدة، بالإضافة إلى معدات أساسية غير متوفرة حاليًا كـ "التركس" و "البوب كات".

مقترحات شعبية للحل

في ظل غياب خطط رسمية فعالة، أكد المواطنون على ضرورة التحرك الفوري لإيجاد حلول واقعية لأزمة النفايات. وشددوا على أهمية إصلاح آليات جمع القمامة المتوقفة وإعادة تأهيلها، وتأمين كميات كافية من الوقود لضمان استمرارية العمل، خاصة في ظل الاعتماد شبه الكامل على الآليات القديمة. كما طالبوا بزيادة عدد الحاويات في الأحياء السكنية وتجديد التالف منها، وتوفير دعم مادي ومعنوي لعمال النظافة من خلال صرف رواتب منتظمة وتحسين بيئة العمل. كذلك، دعا المواطنون إلى تنظيم حملات توعوية تشرح أهمية الحفاظ على النظافة العامة، وتفعيل دور المبادرات التطوعية بشكل منظم وتحت إشراف مباشر من المجالس المحلية، بما يضمن استدامتها واستثمار جهود المجتمع بالشكل الأمثل.

النظافة… بوابة لإعادة بناء الثقة

تجاوزت أزمة القمامة في درعا حدود الجانب الخدمي، لتصبح أزمة ثقة متفاقمة بين المواطن والبلديات. ورغم أن المجالس المحلية تعترف بضعف الإمكانيات، فإن غياب استراتيجية مركزية واضحة وعدم تأمين التمويل المستدام يزيد من تعقيد الأزمة ويترك المواطن في مواجهة يومية مع خطر بيئي متصاعد.

مشاركة المقال: