الإثنين, 30 يونيو 2025 09:14 PM

قرار مفاجئ: وزارة الاقتصاد السورية تحظر استيراد السيارات المستعملة وسط جدل واسع

قرار مفاجئ: وزارة الاقتصاد السورية تحظر استيراد السيارات المستعملة وسط جدل واسع

أثار قرار وزارة الاقتصاد والصناعة، بقيادة الوزير محمد نضال الشعار، بوقف استيراد السيارات المستعملة اعتبارًا من يوم الأحد الماضي، ردود أفعال متباينة وجدلًا واسعًا في الأوساط السورية.

يرى العديد من المواطنين أن هذا القرار سيحرم شريحة كبيرة من المجتمع من القدرة على امتلاك سيارة، حيث أن غالبية السوريين يعتمدون على شراء السيارات المستعملة. كما يتوقعون أن يؤدي هذا القرار إلى ارتفاع أسعار السيارات في السوق المحلية، وهو ما بدأ يظهر بالفعل اليوم الاثنين.

في المقابل، يرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة تنظر إلى الأمر من منظور مختلف، وتتخذ قراراتها بناءً على المصلحة العامة، بعد دراسة الأبعاد الحالية والمستقبلية. وأوضح الدكتور فراس شعبو، في تصريح لـ "حلب اليوم"، أن القرار "صحيح ولكنه متأخر"، مبررًا ذلك بأنه يحافظ على الكتلة النقدية، حيث تشير التقديرات إلى أن استيراد 300 ألف سيارة خلال ستة أشهر قد أدى إلى خروج ملياري دولار من البلاد، وهو رقم كبير مقارنة بميزانية سوريا لعام 2025 التي بلغت 3.5 مليار دولار.

من جهته، أيّد الخبير الاقتصادي السوري أدهم قضيماتي، في حديثه لـ "حلب اليوم"، القرار، مشيرًا إلى عدة أسباب، أهمها حجم القطع الأجنبي الذي يخرج من البلاد لاستيراد هذه السلعة، خاصة المستعمل منها، مما أدى إلى نقص في حجم القطع الأجنبي في سوريا.

أما أبو محمود، وهو تاجر سيارات، فيرى أن القرار أضر بالمواطن السوري، لأن الغالبية تعتمد على السيارات المستعملة بسبب ارتفاع أسعار الجديدة. وأضاف أن الجميع يدرك مشكلة السيارات المستعملة المستوردة، ويعلم أن اقتنائها أمر سلبي بسبب كثرة أعطالها واستهلاكها لقطع الغيار، لكن المواطن السوري لا يملك خيارات أخرى بسبب ضعف القدرة الشرائية.

ويستثني القرار فئات محددة من المركبات مثل الرؤوس القاطرة، الشاحنات، آليات الأشغال العامة، والجرارات الزراعية، بشرط ألا تتجاوز سنة صنعها عشر سنوات عدا سنة الصنع، كما يستثني حافلات نقل الركاب التي تحتوي على 21 مقعدا فأكثر، شريطة ألا تتجاوز سنة صنعها أربع سنوات عدا سنة الصنع.

ويرى الدكتور شعبو أن موضوع السيارات في سوريا معقد، لأن استيرادها بات بدون رقيب، حيث يجري استقدام خردة السيارات من الدول المجاورة وحتى من الدول المصنعة بسبب ضعف الرقابة على عملية الاستيراد، مشيرا إلى أن الرسوم الجمركية كانت ضعيفة، وكان من الأفضل أن تكون نسبة من قيمة السيارة بدلاً من الرقم الثابت.

واعتبر أن الموضوع هو إعادة ضبط للأسواق، وحل مشاكل الازدحام والحوادث، معربا عن اعتقاده بأن القرار كان يحتاج إلى تنظيم وتطبيق تدريجي، وليس فجائي، كأن يبدأ برفع سنة الاستيراد إلى 2015 ومنع ما دون ذلك، ثم رفع الرسوم الجمركية تدريجياً، لكن القرار المفاجئ سيحدث ارتباكا في الأسواق.

وسمحت الوزارة ضمن المادة الثانية، للمستوردين الذين اشتروا السيارات قبل صدور القرار بتثبيت أرقام الشاسيه لدى الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية حتى يوم الأحد 7/5/2025، في مقر الهيئة الكائن في منطقة كفرسوسة بدمشق، كما أتاح في مادته الثالثة إمكانية استيراد السيارات الجديدة غير المستعملة، بشرط ألا تتجاوز سنة الصنع سنتين عدا سنة الصنع، وفقا لما نقلته وكالة سانا.

وبرّرت الوزارة قرارها بأنها تهدف إلى عملية التنظيم وضبط سوق الاستيراد والحد من دخول السيارات القديمة بما يخدم مصلحة السوق المحلية.

بدوره لفت قضيماتي إلى الناحية التقنية، حيث "هناك مشكلة في المواصفات الفنية للسيارات المستعملة التي تدخل إلى سوريا، فالعديد من السيارات غير مطابقة للمواصفات العالمية، والكثير منها كان يدخل بأوراق مزورة، ولا نملك في سوريا التقنيات اللازمة لكشفها".

وأشار إلى أن "كثرة السيارات المستعملة تزيد الطلب على قطع الصيانة بسبب عدم جاهزيتها، وهو ما سيؤدي إلى كمية كبيرة من المخلفات الناجمة عن تلك القطع".

لكن الخبير الاقتصادي السوري لا يتوقع استمرار القرار خلال السنوات القادمة، مرجحا أن تكون هناك حلول في المستقبل، مثل استيراد السيارات المستعملة ضمن شروط معينة، بعد إجراء الفحوصات الفنية، إلا أن هذا يحتاج إلى تكنولوجيا متطورة، وهي غير متوفرة حاليًا في سوريا".

من جانبه قال شعبو إن "السوق السورية مشبعة بالسيارات، وهناك معارض على مد البصر.. القرار صحيح، ولكن كان ممكن أن يكون مختلفًا قليلاً، اليوم، المواطن حساس لكل قرار تتخذه الحكومة، وقد لا يرضي البعض، إلا أنه في مصلحة الدولة وفي مصلحة الحفاظ على القطع الأجنبي وتوجيهه إلى مصادر أخرى.. البنية التحتية في سوريا متهالكة، والطرق متهالكة، ولا توجد صيانة كافية، وهذا يؤدي إلى حوادث وانفلات مروري".

مشاركة المقال: