يشهد العالم اليوم تحولات متسارعة وتحديات اقتصادية كبيرة. يعتبر الإنتاج حجر الزاوية لأي اقتصاد ناجح، وتحقيق إنتاجية عالية هو عنصر أساسي لجذب الاستثمارات وتعزيز التنمية المستدامة. يلعب الإنتاج دوراً محورياً في توفير فرص العمل وزيادة الدخل القومي.
في هذا السياق، تكتسب اتفاقيات التفاهم الموقعة لإنشاء مدينة "بوابة دمشق" للإنتاج الإعلامي والفني أهمية خاصة، فهي تمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز الإنتاجية وجذب الاستثمارات.
الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي وصف اتفاقية تفاهم مدينة بوابة دمشق للإنتاج الإعلامي بأنها رافعة اقتصادية جديدة لسوريا وخطوة استراتيجية تعكس التوجه التنموي لسوريا ما بعد الحرب. ووصف المشروع بالواعد، مؤكداً أنه ليس مجرد بنية تحتية إعلامية، بل يمثل بوابة اقتصادية متعددة العوائد تُسهم في إعادة إعمار الاقتصاد السوري، وتحقيق انتعاش حقيقي في عدة قطاعات حيوية.
وأشار قوشجي إلى دور المذكرة في تحريك قطاع البناء والتشييد، موضحاً أن إنشاء مدينة إعلامية بهذا الحجم سينشط قطاع الإنشاء والتعمير في سوريا، بما في ذلك شركات المقاولات والهندسة والتجهيزات الفنية والتكنولوجية. هذه الحركة العمرانية الواسعة ستولّد أكثر من 4000 فرصة عمل مباشرة، إضافة إلى ما يقارب 9000 فرصة عمل موسمية وغير مباشرة، ما يُخفف من معدلات البطالة ويزيد من القدرة الشرائية لآلاف الأسر.
كما لفت إلى دور المشروع في دعم الاقتصاد الإنتاجي والتصديري، فالإعلام المُنتج في هذه المدينة لن يكون موجّهاً للجمهور المحلي فقط، بل سيُصاغ بمستوى احترافي يؤهّله للعرض في الأسواق العربية والدولية. وأكد أن الترويج السياحي وتقديم قصص النجاح السورية من خلال منصات إعلامية متطورة يمكن أن يُحدثا فارقاً في دعم الصادرات، وجذب السياح، وتحقيق دخل بالقطع الأجنبي يُعزز احتياطيات الدولة ويُنشّط الدورة الاقتصادية.
وأشار أستاذ الاقتصاد إلى دور المشروع في توطين الخبرات الإعلامية وتقليص الاستيراد التقني من خلال المدينة الإعلامية، إذ سيتم نقل وتوطين تقنيات الإنتاج الحديثة داخل سوريا، ما يُقلّل الحاجة إلى استيراد الخدمات الإعلامية أو تنفيذ الإنتاجات الضخمة في الخارج. واعتبر هذا استثماراً في رأس المال البشري وتكريساً لسيادة المحتوى والهوية الوطنية، إضافة إلى ترشيد الإنفاق الخارجي واستدامة دوران رؤوس الأموال داخل الاقتصاد المحلي.
كما نوّه قوشجي بدور المشروع في تعزيز جاذبية الاستثمار الأجنبي، قائلاً: "مدينة بوابة دمشق تمثل نموذجاً للاستثمار الجريء في وقت التعافي، وستبعث رسائل ثقة للمستثمرين العرب والأجانب مفادها أن سوريا بيئة واعدة وقابلة للنهوض من جديد." وأضاف أن موقع المشروع القريب من العاصمة يُعزز من قيمته الاستراتيجية، ويجعله مركز جذب للتعاون الإعلامي العربي والإقليمي، ما يُسهم في إيجاد شراكات طويلة الأمد وتمويلات جديدة لمشروعات أخرى.
وذكر قوشجي التأثير غير المباشر على الصناعات المرتبطة، مضيفاً: "من المتوقع أن يُنشّط المشروع عدداً من القطاعات المرتبطة، كالإعلان، وتصميم الجرافيك، وتوريد معدات الصوت والصورة، والنقل، والفندقة، ما سيُكرّس نمطاً جديداً من الاقتصاد القائم على المعرفة والإبداع، ويُرسخ دور الاقتصاد الثقافي كأحد محركات النمو في المرحلة المقبلة."
محمد راكان مصطفى
