السبت, 5 يوليو 2025 01:07 AM

الهوية البصرية لسورية: بين الرموز والتحديات الراهنة

الهوية البصرية لسورية: بين الرموز والتحديات الراهنة

يرى أحمد رفعت يوسف أنه ليس من الضروري الخوض في تفاصيل الصورة البصرية لسورية الجديدة، مؤكداً أن الرموز تعود لتاريخ سورية العريق. ولا يهم إن كان الرمز هو النسر السوري أو الشاهين، فكلاهما من الطيور الحرة. هذا الكلام نابع من الحرص على مستقبل سورية، وأن تكون صورتها جميلة كما نتمناها جميعاً.

صورة سورية الجديدة ليست مجرد رموز، بل تتكون من رؤيتنا الشاملة، وفي مقدمتها النظرة إلى الإنسان السوري، الذي هو أهم ثرواتنا. لقد أثبتت التغريبة السورية والتهجير القسري أن السوريين من أعظم شعوب العالم حضارة وعلماً وفكراً وثقافة وقيمًا نبيلة.

يجب التنبيه إلى أن هناك صورة أخرى موازية تتشكل في الأذهان، في الداخل والخارج، أقوى تأثيراً من الرموز والصور التي نريد تصديرها لسورية المستقبل. لا يمكن نسيان صور مؤلمة ترسخت في أذهان شرائح واسعة من المجتمع السوري، مثل مجازر الساحل وحمص وحماه والسويداء ودمشق، ومصير آلاف الشباب من الجيش السوري السابق الذين سلموا أنفسهم للسلطات الجديدة، فكان مصيرهم السجون، وعشرات الآلاف الذين تم تسريحهم من أعمالهم أو توقيف رواتبهم، فكان الجوع مصيرهم، وحوادث القتل والخطف والجرائم اليومية التي تحرم الشعب الشعور بالأمن والأمان.

يكفي ما شهدناه قبل أيام من حفل إعلان الهوية البصرية لسورية الجديدة، وما يحمله من تفاصيل ومعانٍ ودلالات. شابان يجمعان الغار، الذي نفخر به كرمز من رموز سورية، ليقتلا بدم بارد لمجرد جمع ثمن الخبز. شابان يقطفان أوراق العنب، ليقتل أحدهما ويبقى الآخر بين الحياة والموت، والجريمة تتم وأهل الضحايا يحضرون القهوة لضيافة المجرمين. تفجير كنيسة الدويلعة وسقوط الشهداء الأبرياء، وتحطيم تمثال في حديقة سعد الله الجابري، وقبله أبو العلاء المعري، وتماثيل أخرى.

السؤال هنا: أي هوية بصرية ووطنية تترسخ أكثر في وجدان السوريين في الداخل؟ وأي من الصورتين ترسم معالم سورية الجديدة في الخارج؟ بالتأكيد، الصورة الموازية هي الأكثر تأثيراً وترويجاً وترسيخاً. نحن بحاجة لأكثر من الصورة البصرية. كم هو جميل أن نستطيع رسم صورة سورية التي عرفت عبر التاريخ بأنها أرض الديانات والأنبياء والرسل والمدارس الفكرية والفلسفية، والتي علمت العالم الكتابة والموسيقى والفنون والزراعة والألعاب الأولمبية التي خرجت من ملعب عمريت، ومنها أبولودور الدمشقي، أعظم مهندسي البناء، وبابيان الحمصي، أعظم حقوقيي العالم، والمحامية الأولى تيودورا المنبجية، وزنوبيا التدمرية، والمسيح السوري، وبطرس، وبولس، ومعاوية، الذي لم يجد متسعاً لدهائه إلا من عرش دمشق.

كنت أتمنى أن يكون الرمز لسورية الجديدة هو طائر الفينيق، الذي يلخص قصة سورية عبر التاريخ، والتي لم تستطع أعتى قوى الأرض أن تلغيها أو تمحو هويتها، وأنا على ثقة بأنها ستخرج من بين الرماد والحطام والألم، وهي أكثر قوة وشباباً وتطوراً وجمالاً مما كانت.

(موقع أخبار سوريا الوطن ٢-الكاتب)

مشاركة المقال: