يرى محللون سياسيون أن استئناف الدوريات الروسية في جنوب سوريا يمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى كبح التصعيد الإسرائيلي المتزايد، خاصة في ظل الضربات الجوية الأخيرة التي استهدفت مواقع حساسة في دمشق، منها مبنى وزارة الدفاع والقصر الجمهوري، وسط غياب أي ردع فعّال.
تحرك روسي بدفع تركي لمواجهة التوسع الإسرائيلي
أوضح الكاتب والباحث السياسي محمد هويدي أن دمشق باتت تدرك أن الهجمات الإسرائيلية أصبحت أكثر انتظاماً واستهدافاً، مشيراً إلى أن تركيا نصحت القيادة السورية بالتنسيق مع روسيا، نظراً لتماهي الولايات المتحدة والدول الغربية مع السياسات الإسرائيلية. واعتبر هويدي أن عودة الدوريات الروسية توفر غطاءً سياسياً وأمنياً، يحد من النشاط الإسرائيلي ويضع قيوداً على تحركاته، عبر فرض وجود مراقبة دولية في المنطقة.
وأضاف أن روسيا سبق أن لعبت دوراً محورياً في الجنوب السوري، حيث فصلت بين القوات الإيرانية والنظام السابق، ومن المتوقع أن تعيد هذا الدور اليوم، خاصة أن إسرائيل تسعى لتحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح. كما أشار إلى أن موسكو تسعى لاستعادة نفوذها في سوريا بعد انشغالها بالحرب الأوكرانية وتراجع حضورها الميداني.
الجنوب السوري كورقة ضغط جيوسياسية
شدد هويدي على أهمية الجنوب السوري من الناحية الجيوسياسية، كونه يطل على إسرائيل والأردن، ما يمنح روسيا ورقة ضغط إقليمية. واعتبر أن عودة الدوريات قد تُفسر إسرائيلياً على أنها محاولة روسية للحد من الضربات الجوية، ما قد يدفع تل أبيب لإعادة تنسيقها العسكري مع موسكو.
كما أشار إلى أن السلطة السورية ترحب ضمنياً بهذه الخطوة، كونها تمثل وسيلة لحماية الجنوب من الهيمنة الإسرائيلية، رغم وجود مخاوف من تنامي النفوذ الروسي على حساب الدور الأميركي في المنطقة.
التفاهم الروسي الإسرائيلي مفتاح التنفيذ
ختم هويدي حديثه بالتأكيد على أن نجاح هذه الخطة يتطلب تفاهمات مباشرة بين موسكو وتل أبيب، مشيراً إلى أن عودة الدوريات الروسية ليست مجرد إجراء أمني، بل جزء من معادلة إقليمية تهدف إلى إعادة التوازن وكبح التصعيد الإسرائيلي.
موسكو تسعى لاستعادة دورها الأمني في سوريا
من جانبه، اعتبر الباحث في الشؤون الروسية حسام الدين سلوم أن موسكو ترى في هذه المرحلة فرصة مناسبة للعودة إلى سوريا، خاصة بعد التطورات الأخيرة في الساحل السوري. وأكد أن استقدام الدوريات الروسية هو الحل الأمثل، نظراً لثقة شريحة واسعة من السوريين بروسيا، في ظل عجز الحكومة الانتقالية عن فرض الأمن والاستقرار.
أشار سلوم إلى أن استمرار الوضع الحالي يضع دمشق أمام خيارين صعبين: إما القبول باستمرار الفوضى، أو مواجهة سيناريو انفصال الجنوب والغرب، وهو أمر غير مقبول دولياً. لذلك، يرى أن الحل الوسط يتمثل في عودة الدوريات الروسية بغطاء أممي وموافقة من الأمم المتحدة.
دوريات روسية بغطاء دولي لتفادي التصعيد
وفي ختام حديثه، أكد سلوم أن وجود روسيا في الجنوب السوري تحت مظلة أممية قد يكون مقبولاً لجميع الأطراف، لأنه سيساهم في تخفيف التوترات والحد من الاشتباكات، محذراً من أن غياب هذا الحل قد يدفع البلاد نحو حرب أهلية أكثر خطورة مما تشهده حالياً.
إرم نيوز