طالبت النيابة العامة في فرنسا، يوم الجمعة، بتأييد مذكرة التوقيف الصادرة عن قضاة التحقيق بحق بشار الأسد، والتي تعود للعام الماضي، وذلك على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وكانت محكمة الاستئناف في باريس قد صدّقت في صيف العام الماضي على مذكرة توقيف بحق الأسد، بسبب تورطه في الهجمات الكيميائية التي وقعت في عام 2013. وسبق ذلك إصدار مذكرة أخرى في خريف عام 2023، تتهمه بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ في جرائم حرب، إلا أن النيابة العامة لمكافحة الإرهاب ومكتب المدعي العام في محكمة الاستئناف في باريس، قد طعنا في المذكرة آنذاك.
وفي ظل التطورات الأخيرة في المشهد السوري، يبدو أن القضاء الفرنسي يتجه نحو إقرار المذكرة. ويرى الكاتب والمحلل السياسي السوري، أحمد مظهر سعدو، أن هناك "توجهاً عالمياً حقوقياً واضحاً يهدف إلى اجتثاث أدوات الإرهاب الأسدي".
وفي تصريح لحلب اليوم، أوضح سعدو أن "مسألة إصدار مذكرات اعتقال بحقهم (الأسد وأعوانه) قابلة للتطبيق... وحتى لو لم تنفذ روسيا هذه المذكرة الأخيرة أو تسمح بها، فإنها ستفتح الباب أمام إمكانية وصول هذا المجرم إلى محكمة الجنايات الدولية والقبض عليه، بالتوافق مع بعض الضغوط العالمية على موسكو للمساعدة في ذلك أو التخلي عن حمايته على الأقل".
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الطعن السابق استند إلى "الحصانة المطلقة التي يتمتع بها رؤساء الدول أثناء توليهم مناصبهم أمام القضاء الأجنبي". وأشار النائب العام في محكمة النقض، ريمي هايتز، إلى أن "مبدأ سيادة الدول وشرعيتها ينص على ألا تفرض أي دولة سلطتها على دولة أخرى بالوسائل القانونية".
واقترح هايتز على المحكمة خياراً آخر يتمثل في إسقاط الحصانة الشخصية عن بشار الأسد، معتبراً أنه لم يكن في نظر فرنسا رئيساً شرعياً لسوريا عند صدور مذكرة التوقيف. وأوضح أن "الجرائم الجماعية التي ارتكبتها السلطات السورية هي التي دفعت فرنسا إلى اتخاذ هذا القرار غير المألوف بعدم الاعتراف بشرعية بشار الأسد منذ عام 2012".
وقد عقدت محكمة النقض في باريس، يوم أمس، جلسة استماع بشأن الحصانة الشخصية التي يتمتع بها رؤساء الدول الأجنبية، وذلك للنظر في إمكانية منح استثناء في حال الاشتباه بارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. وناقشت المحكمة القضية، وطلبت النيابة العامة خلال الجلسة تأييد المذكرة، ومن المتوقع أن يصدر القرار في 25 تموز الجاري، في جلسة علنية.
ويرى سعدو أن "الجهود الدولية تتحرك بشكل معقول، لكنها لا تزال مقيدة ببعض المسائل القانونية الدولية التي تعوق مساراتها، كما أن المصالح الأميركية – الروسية قد تحول دون تطبيق مسارات العدالة الدولية كما نعلم".
وحول الحماية الروسية، اعتبر الكاتب السوري أنه "من الممكن محاسبة الأسد غيابياً باعتباره لم يعد رئيساً ولا حصانة له، إلا أن روسيا تحول دون القبض عليه وإحضاره مخفوراً إلى العدالة الدولية أو حتى الوطنية السورية، وهذا ما يريده السوريون ويسعون إليه؛ أي جلبه ليحاكم في محاكم وطنية عادلة وعلنية تشفي صدور المكلومين من السوريين وهم كثر".