كشفت الجمهورية العربية السورية رسمياً في 4 يوليو 2025 عن شعارها الجديد، والذي يمثل جزءاً من الهوية البصرية الجديدة التي أُطلقت في عهد الرئيس أحمد الشرع، وذلك بعد مرحلة انتقالية أعقبت الإطاحة بالنظام البائد. هذا الشعار لا يمثل مجرد تغيير في الشكل، بل يعكس تحولاً سياسياً واجتماعياً عميقاً تشهده سوريا.
الخبير في التطوير الإداري وائل الحسن أوضح في حديث لصحيفة “الحرية” أبرز ملامح الشعار الجديد، مشيراً إلى أن العقاب الذهبي الذي يحل محل النسر يمثل العقاب السوري الذهبي الطائر المركزي في الشعار، وهو رمز للقوة والحكمة والسيادة. وأضاف أن الأجنحة المنبسطة في وضعية “تأهب واطمئنان” تعبر عن التوازن، في حين أن النجوم الثلاث التي تعلو العقاب ترمز إلى تحرر الشعب وتجسد العلاقة الجديدة بين الدولة والمواطن، حيث الشعب هو من يمنح الدولة شرعيتها. كما أن 14 ريشة في كل جناح تمثل المحافظات السورية الـ14، وكذلك 14 عاماً من الثورة.
خبير في التطوير الإداري: لا تقتصر على الجانب الجمالي بل تحمل دلالات اجتماعية عميقة تعكس تحوّلاً في العلاقة بين الدولة والمجتمع
أما الخمس ريشات في الذيل فتمثل المناطق الجغرافية الكبرى “الشمالية، الشرقية، الغربية، الجنوبية، والوسطى”، في تأكيد على وحدة الأرض السورية، في حين ترمز المخالب المفتوحة إلى جهوزية القوات المسلحة للدفاع عن السيادة دون تهديد الجيران.
يرى الحسن أن الرسائل الرمزية للشعار ترمز إلى الاستمرارية التاريخية، حيث أن العقاب مستوحى من شعار عام 1945. كما يتجلى تمكين الشعب بالنجوم فوق العقاب، ووحدة الأرض، وعقد وطني جديد مبني على التكامل بين الدولة والشعب. وأكد أن الهوية البصرية الجديدة لا تقتصر على الجانب الرمزي أو الجمالي، بل تحمل دلالات اجتماعية عميقة تعكس تحولاً في العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتعيد صياغة مفهوم الانتماء الوطني.
وفقاً للحسن، فإن من أبرز الدلالات الاجتماعية للشعار هي إعادة بناء العقد الاجتماعي، حيث يضع الشعار الجديد الشعب في موقع السيادة، في إشارة إلى أن الدولة تستمد شرعيتها من إرادة الناس، ما يعكس تحولاً من “الدولة المتسلطة” إلى “الدولة الخادمة”. كما يرمز توزيع الريش في الجناحين والذيل إلى شمول كل المحافظات والمناطق الجغرافية، ما يعزز شعور الانتماء لدى مختلف الفئات والمكونات، ويرسل رسالة مفادها أن كل منطقة وكل فرد له مكانه في سوريا الجديدة.
كما تعكس وضعية العقاب “تأهب واطمئنان” القطيعة مع الماضي القمعي، وتحول الدولة من أداة قمع إلى كيان حارس للحقوق والحريات. أما المخالب المفتوحة فترمز إلى الجاهزية للدفاع، لا للهيمنة، وهو تحول في فلسفة الدولة تجاه المجتمع. وتُستخدم الهوية البصرية الجديدة كأداة لإعادة بناء السردية الوطنية، وتوحيد الرأي العام بعد سنوات من الانقسام، وخلق شعور مشترك بالانتماء.
أكد الحسن أن الهوية البصرية الجديدة ترسل رسائل إلى الداخل والخارج، فداخلياً تؤكد أن سوريا تتغير، وأن هناك نية لبناء دولة حديثة قائمة على التعددية والعدالة الاجتماعية، أما خارجياً فهي تعيد تقديم سوريا كدولة قابلة للشراكة والانفتاح. وأضاف أن السردية البصرية الجديدة لا تُفهم بمعزل عن التحولات المعيشية والخدمية والاقتصادية الجارية على الأرض، بل تُستخدم كأداة رمزية لتأطير هذه التحولات ضمن مشروع وطني شامل، يُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن.
كما تم إطلاق برامج لإعادة تأهيل البنية التحتية في المدن والقرى، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتوسيع نطاق الدعم الاجتماعي للفئات الهشة، ورفع الرواتب بنسبة 400% مع ضبط آليات الاستفادة لضمان العدالة، وإطلاق مشاريع صغيرة ومتوسطة لدعم الاقتصاد المحلي، واعتماد إصلاحات ضريبية وهيكلية تهدف إلى تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية، وبناء اقتصاد إنتاجي مستدام، وإعادة الإعمار بشفافية، مع إشراك المجتمع المدني في الرقابة.
وشدد الحسن على أن الهوية البصرية ليست مجرد “تجميل مؤسسي”، بل تأطير رمزي لتحول اجتماعي شامل، وأن هذا الشعور لا يُبنى بالشعارات فقط، بل بالماء النظيف، والدواء المتوافر، والراتب الكافي، والعدالة الاجتماعية. واعتبر أن الهوية البصرية الجديدة تُشكّل “الواجهة الرمزية” لمشروع وطني متكامل، يُعيد بناء الدولة من الأساس، وهي لا تكتمل إلا إذا رافقتها خطوات ملموسة في حياة الناس اليومية.
وأكد الحسن أن الرموز هي مفاتيح لفهم الذات الجماعية، وتؤثر بعمق في تشكيل الثقافة المحلية، وهي أداة للتواصل الثقافي داخلياً وخارجياً، وتُستخدم في الدبلوماسية الثقافية لتقديم صورة عن المجتمع، وتصبح محفّزاً للتغيير أو المقاومة في فترات التحول السياسي أو الاجتماعي.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية