أفادت مصادر في الدفاع المدني لمنصة سوريا 24 بأنه لم تتم السيطرة على حرائق الساحل حتى مساء اليوم السبت، وذلك على الرغم من الجهود المضنية التي تبذلها فرق الطوارئ، بالإضافة إلى مساهمة الطيران التركي (طائرة زراعية وأخرى مروحية)، وكذلك الفرق اللوجستية.
وأوضحت المصادر أن الحرائق قد أتت على 7500 هكتار من الغابات في المنطقة المشتعلة بمحيط قسطل معاف، مؤكدة أن وزير الطوارئ في الحكومة السورية، رائد الصالح، يتولى قيادة عمليات التصدي للحرائق.
في سياق متصل، أعلن عبد الكافي كيال، مدير وحدة الاستجابة للطوارئ في محافظة اللاذقية، أن رقعة الحرائق المشتعلة في محيط بلدة قسطل معاف قد اتسعت بشكل مقلق، ووصلت إلى قرى آهلة بالسكان، الأمر الذي استدعى إخلاءها بشكل فوري عبر تدخل مشترك من فرق الإطفاء المحلية وأجهزة الدفاع المدني، دون تحديد عدد السكان الذين تم إجلاؤهم أو الجهة التي نُقلوا إليها.
وأوضح كيال، في تسجيل صوتي نُشر على المعرفات الرسمية للدفاع المدني على وسائل التواصل الاجتماعي، أن فرق المكافحة تواجه تحديات جمة في احتواء النيران، من أبرزها الرياح القوية، والتضاريس الجبلية الصعبة، وانتشار الذخائر غير المنفجرة في محيط بعض المناطق، مما يزيد من خطر تمدد النيران ويعيق الوصول إلى مواقع الاشتعال.
وتشهد المنطقة الساحلية في سوريا، لليوم الثالث على التوالي، موجة من حرائق الغابات، طالت مساحات واسعة من ريف اللاذقية، لا سيما في زنزف، ربيعة، وقسطل معاف، وسط ظروف مناخية مواتية لانتشار اللهب، تتسم بجفاف غير مسبوق ودرجات حرارة مرتفعة.
وفي إطار تعزيز جهود الاستجابة، بدأت صباح اليوم السبت فرق دعم تركية بالانضمام إلى العمليات، وذلك بعد تنسيق مباشر مع وزارة الإدارة الطارئة السورية. وأعلنت وحدة الدفاع المدني السوري عبر منصاتها الرقمية أن هذه الفرق مزودة بمروحيتين، وثماني شاحنات إطفاء، وثلاث وحدات إمداد مائي، وتعمل بالتعاون مع 62 فريقًا سوريًا من عناصر الإطفاء والحماية الحراجية.
كما أصدرت فرق الدفاع المدني – المعروفة بـ”الخوذ البيضاء” – تحذيرًا عامًا لسكان شمال جبال الساحل، مدينة حماة، وريف إدلب الجنوبي من احتمال تأثرهم بالدخان الكثيف والملوثات الهوائية الناتجة عن النيران، داعية إلى الابتعاد عن مناطق الانبعاث المباشر، واتخاذ تدابير وقائية صحية.
وسُجلت خسائر كبيرة في الغطاء النباتي والبساتين الزراعية، خاصة في حقول الزيتون والفواكه، بحسب ما نقلت وحدة الطوارئ الميدانية. ودعت المديرية السكان إلى الإبلاغ عن أي نشاطات يُشتبه بأنها مفتعلة أو تؤدي إلى إشعال الحرائق عمدًا.
من جانبه، صرّح وزير شؤون الكوارث والطوارئ السوري، رائد الصالح، في بيان نشره عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، أن الفرق تواجه “ظروفًا ميدانية بالغة الصعوبة”، لكنه شدد على أن الجهود مستمرة بلا تراجع، مضيفًا: “سنبذل أقصى ما لدينا، ولن نخذل شعبنا في هذه المحنة.”
وتتزامن هذه الكارثة الطبيعية مع تقارير دولية تشير إلى تدهور حاد في الواقع البيئي داخل سوريا، إذ أفادت منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة في تقرير حديث أن البلاد لم تشهد ظروفًا مناخية بهذا السوء منذ أكثر من 60 عامًا، محذرة من أن أكثر من 16 مليون سوري باتوا عرضة لانعدام الأمن الغذائي بسبب موجات الجفاف وتراجع الغطاء الأخضر.