الإثنين, 7 يوليو 2025 12:42 AM

خبير مصرفي يدعو لاستعادة الأموال المنهوبة وإعادة هيكلة القروض المتعثرة في المصارف السورية

خبير مصرفي يدعو لاستعادة الأموال المنهوبة وإعادة هيكلة القروض المتعثرة في المصارف السورية

لطالما كان العمل المصرفي في سوريا، وخاصةً المصارف العامة، تحت مراقبة صندوق النقد الدولي. ففي عام 2016، أعد الخبيران كريستينا كوستيال وجين غوبات تقريراً بعنوان "اقتصاد الصراع في سوريا"، والذي تم اعتماده ضمن أوراق عمل صندوق النقد الدولي. وأشار التقرير إلى عزل المصارف العامة في سوريا عن أنظمة الدفع والتسوية الدولية والأسواق المالية، بالإضافة إلى تجميد الأصول المحتفظ بها في الخارج في الدول التي فرضت العقوبات، مما ساهم بشكل كبير في تدفق الودائع إلى الخارج وانهيار شبه تام في النشاط الاقتصادي.

ويضيف التقرير أن نسبة القروض المتعثرة زادت وفقاً لبعض التقديرات من 4% في عام 2010 إلى 35% في عام 2013، ثم إلى 42% في نهاية عام 2023 وفقاً لتقارير محلية، الأمر الذي ضاعف من نقص السيولة لدى المصارف السورية، مما ساهم في تراجع عمليات الإقراض بشكل كبير.

قزاز: على الرغم من رفع سعر الفائدة على الودائع الذي يصل في بعض الأحيان إلى 13% فإنه لم يسهم في رفع معدلات الإيداع نظراً لوجود قلق من معدلات التضخم وتقييد السحوبات

تدهور الثقة

أشار الخبير المصرفي الدكتور عبد الله قزاز إلى أن المصارف العامة واجهت صعوبات كبيرة في العمل في بداية الثورة السورية نتيجة الاضطرابات الأمنية وتدهور الثقة في النظام المصرفي. كما أدت العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري إلى تقليص قدرة المصارف على التعامل مع البنوك العالمية، مما أثر على قدرتها في توفير السيولة والخدمات المالية للمواطنين.

المصارف العامة استحوذت على حوالي /5/ تريليونات ليرة سورية من الودائع في نهاية عام 2023

فشل المصارف العامة

يعزو قزاز فشل المصارف العامة في سوريا إلى انخفاض الثقة بالنظام المصرفي وتراجع السيولة، وانتشار الترهل الإداري والمالي في هذه المصارف، مما أضعف من قدرتها على إدارة الموارد بشكل فعال. كما عانت هذه المصارف من ضعف في التخطيط الاستراتيجي، مما أدى إلى اتخاذ قرارات خاطئة، بالإضافة إلى عدم وجود إطار قانوني واضح ومستقر يحكم عمل المصارف، مما نتج عنه عدم وضوح الحقوق والواجبات. ولا يمكن تجاهل العقوبات الاقتصادية الدولية التي أثرت سلباً على قدرة المصارف على التعامل مع النظام المالي العالمي. كما أن عدم مواكبة المصارف للتطورات التكنولوجية في القطاع المالي أدى إلى ضعف في تقديم الخدمات المصرفية. وأوضح أنه على الرغم من رفع سعر الفائدة على الودائع، الذي يصل في بعض الأحيان إلى 13%، فإنه لم يسهم في رفع معدلات الإيداع، نظراً لوجود قلق من معدلات التضخم وتقييد السحوبات. وبالتالي، لابدّ من رفع سعر الفائدة على الودائع ليتناسب مع معدلات التضخم الحاصلة، وخصوصاً أن معظم الودائع الموجودة هي ودائع لجهات عامة على شكل حسابات جارية. ومنه يجب على المصارف العامة التفكير جدياً في منافسة المصارف الخاصة في جذب الودائع وتقديم خدمات متميزة تحفز العملاء على الإيداع بها، مع الإشارة إلى أن بعض التقديرات أشارت إلى أنّ المصارف العامة استحوذت على حوالي /5/ تريليونات ليرة سورية من الودائع في نهاية عام 2023.

معالجة المشاكل

ولعلاج مشاكل المصارف العامة في سوريا، بين قزاز لـ”الحرية” أنه من الأفضل تحسين كفاءة الإدارة من خلال تدريب الموظفين وتطوير المهارات الإدارية والتقنية، ووضع آليات واضحة للإفصاح والشفافية في العمليات المالية، الأمر الذي يسهم في بناء الثقة بين المصارف وعملائها. كما يجب تحديث القوانين واللوائح المتعلقة بالقطاع المصرفي لتعزيز الإطار القانوني وتنظيم العمل المصرفي بشكل فعال، والعمل على إعادة هيكلة الديون المتعثرة للحد من المخاطر المالية، وتحسين الوضع المالي للمصارف. كما أنه من الأفضل الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لتحسين الخدمات المصرفية وزيادة كفاءتها، مثل تطوير الأنظمة الإلكترونية للدفع والتحويل. كما يمكن البحث عن مصادر تمويل جديدة، بما في ذلك جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية لتعزيز قاعدة رأس المال، وتعزيز العلاقات مع العملاء والمودعين من خلال تقديم خدمات مصرفية متميزة ومراعاة احتياجات العملاء ورفع سقف السحوبات اليومي.

مزايا وعيوب الدمج

وعن فكرة دمج المصارف العامة في سوريا، أوضح قزاز أن هذه الفكرة يمكن أن تحمل الكثير من المزايا، كتقليل التكاليف التشغيلية، وزيادة الكفاءة من خلال تقليل التكرار وتحسين توزيع الموارد، وتقديم خدمات مالية أكثر تنافسية، ما قد يحسن من مستوى الخدمة المقدمة للعملاء. كما أن دمج هذه المصارف قد يوفر فرصة لتحسين الإدارة وتطبيق ممارسات أفضل في مجال الحوكمة، ما قد يزيد من الثقة في القطاع المصرفي، بالإضافة إلى تقديم مجموعة أوسع من المنتجات والخدمات المالية، ويسهم في تلبية احتياجات السوق بشكل أفضل، منوهاً بالوقت ذاته على أن فكرة الدمج تحمل بعض العيوب، كفقدان الهوية الخاصة بكل مصرف، ما قد يؤثر على ولاء العملاء، كما يمكن أن تكون عملية الدمج معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً، وهذا يسبب تداخلات سلبية في العمليات اليومية، وقد يؤدي الدمج إلى تقليص عدد الوظائف، ما يمكن أن يؤثر سلباً على الموظفين وخسارة البعض منهم لوظائفهم. بشكل عام، يمكن أن يكون الدمج خطوة إيجابية إذا تم تنفيذها بشكل مدروس وتخطيط مسبق محكم مع تنفيذ بعض الإصلاحات المصرفية والاستفادة من رفع العقوبات الأميركية عن سوريا والدخول في النظام المالي العالمي بخطوات واثقة ومدروسة.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: