استضافت كلية الهندسة المعمارية في جامعة دمشق حواراً وطنياً بعنوان "التخطيط وإدارة التراث وإدماجه"، وذلك في إطار مبادرة تهدف إلى حفظ وصون وتثمين التراث السوري. وقد أقيم الحوار بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف ومؤسسة "تراثنا" للدراسات والترميم وجمعية "إيكوموس سوريا" وجمعية "سوريون" من أجل التراث العمراني.
افتتحت المهندسة هزار عمران الجلسة عبر منصة "زووم"، حيث قدمت رؤيتها حول كيفية استعادة موقع تدمر في مرحلة ما بعد الحرب. وأشارت إلى أن المدينة كانت تستقبل المجموعات السياحية والزوار الذين يقصدون المواقع الأثرية مثل "معبد بل" والمشهد البانورامي مقابل القلعة، إلا أن الحرب الأخيرة في سوريا أدت إلى تدمير المدينة وعبث بها من لا يدركون أهميتها وعراقتها.
ومن بين الرؤى التي طرحتها عمران، ضرورة إعادة ترميم المنازل والأسواق الشعبية، الأمر الذي يمهد لعودة أبناء المجتمع المحلي أولاً، ثم الانطلاق نحو الخطوات اللاحقة.
من جانبها، استعرضت الدكتورة ريدة ديب في مداخلتها التي حملت عنوان "سرديات دمشقية على طريق الحج الشامي ودور الذاكرة الجمعية في حفظ المدينة"، سرديات طريق الحج وأبعاد الرحلة الدينية التي كانت تنطلق من قلعة دمشق مروراً بساحة باب مصلى، وصولاً إلى محطة القدم ثم المزيريب في محافظة درعا كآخر نقطة لها في سوريا. وأكدت أن دمشق كانت مركزاً لانطلاق القوافل، وهو ما تجلى بوضوح خلال الفترة الأموية ثم عاد وانتعش بقوة خلال الحكم العثماني.
وقد شارك الدكتور حسام الوعر في المداخلة عبر "زووم"، حيث تناول سرديات الأحياء والمكان، مشيراً إلى ضرورة فهم هوية وشخصية المدينة، وتعريف الذاكرة بمجموعة من المعلومات المعرفية التي تسهم في بناء الماضي من خلال الاستعانة بالتجارب السابقة في وقتنا المعاصر، سواء كانت للأفراد أم للجماعات.
بدوره، قدم الدكتور غسان عبود ورقة بحثية تمحورت حول تأثير المخططات التنظيمية في التراث العمراني جنوب سوريا، وفسّر من خلالها وجود أبنية أثرية وتراثية مصنوعة بوساطة الأحجار البازلتية، مؤكداً ضرورة البحث في واقع التجمعات حول مخططات مرَّ عليها زمن طويل.
كما قدمت الدكتورة سلوى ميخائيل مداخلة حول "إعادة تأهيل سوق التجار التراثي" في مدينة دير الزور، ونبهت إلى أن الأسواق المتبقية لا تشكل 10 بالمئة مما كانت عليه، وهي تعود للفترة العثمانية، ويظهر ذلك جلياً في عمرانها وجماليتها، حيث أنها مصنوعة من الجص والحجر الكلسي، وكانت أسواقاً حيوية وشعبية حتى انطلاق الثورة التي قابلها النظام البائد وأفرعه بالنار، فضرب ما ضرب ودمر ما وقع أمامه، إلى أن غدا بحالة يرثى لها، مشددة على ضرورة إعادة ترميم هذه الأسواق بطريقة لا تفقدها هويتها وجمالها.
الوطن– مصعب أيوب