كشف تقرير صادر عن موقع arabexpert الإسرائيلي عن نشاط دبلوماسي ملحوظ بين مصر وإيران خلال الأسابيع الأخيرة، مما أثار اهتمام الأوساط السياسية الإقليمية. وأشار التقرير إلى زيارة وزيرين إيرانيين إلى مصر مؤخرًا، بالإضافة إلى استجابة طهران لطلب القاهرة بتغيير اسم شارع يحمل اسم خالد الإسلامبولي، قاتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات.
واعتبرت مصادر إسرائيلية أن هذه الخطوات تتجاوز الجانب الرمزي، وتعكس تفاهمًا متبادلاً بين البلدين. ولفت التقرير إلى مظاهر تعاطف شعبية في مصر مع إيران، ظهرت عبر منصات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، خاصة بعد التصعيد الإيراني الإسرائيلي الأخير. كما أشارت تقارير إلى تظاهرات طلابية في بعض الجامعات المصرية تدعو إلى تعزيز العلاقات مع طهران.
في المقابل، أكد مراقبون أن مصر تحرص على الحفاظ على توازن دقيق في سياستها الخارجية، حيث تواصل تعاونها الاستراتيجي مع دول الخليج والغرب، وفي الوقت نفسه تستكشف فرص التعاون مع إيران في بعض الملفات الإقليمية.
وذكرت مصادر سياسية إسرائيلية أن مصر تحاول الموازنة بين الضغوط الداخلية والخارجية، فمن جهة، يتيح التقارب مع إيران لها بناء خط دفاع أكثر استقلالية في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وخاصة سياسة إسرائيل في المنطقة. ومن جهة أخرى، هناك توترات اقتصادية وسياسية عميقة تعيشها مصر.
وأشارت المصادر إلى أن رفض الرئيس المصري السيسي لخطط الهجرة التي اقترحها الرئيس الأمريكي ترامب، ورفض المملكة العربية السعودية تقديم دعم اقتصادي كبير لمصر، قد خلق شعورًا بالعزلة وغياب الدعم من الأنظمة التقليدية التي دعمتها سابقًا.
وفيما يتعلق بالتأثير العام، أوضح التقرير وجود تماهي واسع النطاق بين الجمهور المصري وإيران، خاصة في ضوء العدوان الإسرائيلي على إيران واستمرار حرب الإبادة في غزة. ومن الأمثلة على ذلك، مظاهر الدعم التي جرت بوسائل الإعلام المصرية والتي دعت إلى دعم حق إيران في الدفاع عن نفسها، ورسائل وُزعت على وسائل التواصل الاجتماعي تضمنت صورًا لجنود من "الحرس الثوري" الإيراني إلى جانب شعارات مناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة.
كما سُجلت موجات من الدعم الشعبي في حرم الجامعات في أنحاء القاهرة، حيث دعا الطلاب إلى تعميق العلاقات مع طهران، معربين عن أملهم في أن يعاني المنافسون الإقليميون من الضعف في أعقاب تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل.
وتساءل التقرير عما إذا كانت مصر ستواصل هذا التوجه مع مرور الوقت، وأجابت مصادر أمنية إسرائيلية أن الواقع السياسي والاستراتيجي يفرض توازنًا دقيقًا: فمن ناحية، هناك ضغوط من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية للحفاظ على التحالفات التقليدية؛ ومن ناحية أخرى، ثمة طموح مصري لمزيد من الاستقلال السياسي واستغلال التوتر بين القوى العظمى لخدمة مصالحها الوطنية.
وادعى التقرير أن مصر في "لعبة مزدوجة" تسعى من خلالها إلى توسيع خياراتها في الشرق الأوسط مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف المعنية. وشدد التقرير على أنه من المرجح أن تواصل مصر استراتيجيتها القائمة على التوازنات المعقدة والتقارب مع إيران، لكنها لن تتعجل قطع علاقاتها مع الغرب ودول الخليج، التي لا تزال مصدرًا مهمًا للاستقرار الاقتصادي والأمني.
وقد تُحدد التطورات المستقبلية في الشرق الأوسط، مثل تغيرات الأنظمة العربية في الخليج، أو تدخلات العوامل الخارجية، أو الأزمات الاقتصادية، مسار الخط السياسي المصري. وختم التقرير بالقول: "من المتوقع أن تبقى القاهرة في لعبة توازنات دقيقة، وهدفها الرئيسي هو ضمان استقرارها وتوسيع نفوذها الإقليمي دون المخاطرة بالشلل أو الخلاف المرير مع حلفائها التقليديين، لذا فهي تسعى إلى الإمساك بزمام الأمور من كلا الطرفين".
يذكر أن العلاقات المصرية الإيرانية شهدت توتراً مستمراً منذ عام 1979، فيما تشير التطورات الأخيرة إلى احتمال ذوبان تدريجي للجليد بين البلدين، وإن كان ذلك ضمن حدود ضيقة تحكمها اعتبارات سياسية وإقليمية دقيقة.