ذكر تقرير جديد نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن الهجوم العسكري على إيران وحده لا يكفي، مؤكدةً أن تغيير النظام هناك هو الضمانة الوحيدة لإنهاء التهديد النووي.
ويوضح التقرير الذي ترجمه "لبنان 24" أن "سلسلة الغارات الجوية الأخيرة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية قد تعيق طموحات طهران مؤقتًا، لكنها لن تضع حداً لها". ويضيف التقرير: "كما حدث في العراق قبل عام 2003، فإن الضربات التكتيكية وحدها لا تكفي لتحييد تهديد استراتيجي، لأن طهران لا تزال ملتزمة أيديولوجياً بامتلاك سلاح نووي".
ويتابع التقرير: "إن منع هذه النتيجة يتطلب أكثر من مجرد الاحتواء، بل يتطلب جهداً جاداً لإزالة النظام الذي يسعى إلى تحقيق هذه النتيجة".
ويشير التقرير إلى أن "تدمير المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان على يد إسرائيل والولايات المتحدة خلال شهر حزيران الماضي، يمثل ضربة موجعة لسعي النظام الإيراني لامتلاك سلاح نووي. ومع ذلك، تؤكد تقييمات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية وقوع أضرار جسيمة في تلك المنشآت، مما يشير إلى أن الضربات أعادت البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء بضع سنوات. ومع ذلك، فإن الضرر الذي ألحقته هذه الحملات الجوية لم يقضِ تماماً على القدرات النووية الإيرانية".
ويضيف التقرير: "تشير تقييمات مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران ربما تكون قد نجحت في نقل مواد حيوية، مثل 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب، إلى مواقع مختلفة قبل الهجمات، الأمر الذي يشير إلى احتمال كبير أن تتمكن إيران من استعادة نشاطها النووي واستئناف تطويره في المستقبل القريب".
ويؤكد التقرير أن "الطموحات النووية الإيرانية تظل تشكل تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي والاستقرار الإقليمي على نطاق أوسع. فمنذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، كرس النظام في طهران جهوده للقضاء على الصهيونية فكرياً. ويتجذر هذا الاعتقاد في مبدأ ولاية الفقيه، ويتجلى من خلال الحرس الثوري الإيراني، الذي يعمل بمثابة منفذ لفكر النظام".
ويستكمل التقرير: "لقد أجج الحرس الثوري الإيراني العنف وزعزعة الاستقرار في كل أنحاء الشرق الأوسط من خلال عملياته في لبنان والعراق وسوريا وغزة والضفة الغربية. ويعد دعم الحرس الثوري المباشر لهجوم حركة حماس ضد إسرائيل يوم 7 تشرين الأول 2023 مثالاً واحداً من أمثلة عديدة على تطرف النظام وعدائه المستمر تجاه الشعب اليهودي".
ويوضح التقرير: "لعقود، كرس النظام الإيراني موارد ضخمة لتطوير سلاح نووي دمار شامل تحت ستار إنتاج الطاقة السلمي، ولطالما صور هذا المسعى المتعصب للجمهور الغربي على أنه إجراء دفاعي أو مبادرة للطاقة، لكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة".
ويشير التقرير إلى أن "إسرائيل اتخذت خطوات جوهرية لإضعاف حزب الله وحماس والجماعات الشيعية في الخارج، بما في ذلك استهداف كبار مسؤولي الحرس الثوري الإيراني داخل إيران من خلال عمليات عسكرية. ومع ذلك، فإن هذه الجهود وحدها لا تكفي لإحداث تغيير في النظام الإيراني، ويجب الآن السعي بنشاط إلى استراتيجية متماسكة تدعم التحول السياسي الداخلي في إيران. وحالياً، لا توجد معارضة داخلية موحدة في طهران قادرة على تشكيل تحد فعال للنظام، ولكن من الممكن، بل ينبغي، بناء معارضة قادرة على ذلك بالتضامن مع الشعب الإيراني. يبدأ ذلك بجهود لإضعاف البنية التحتية القمعية الداخلية للنظام، وتحديداً قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني، المكلفة بقمع المعارضة".
ويتابع التقرير: "ينبغي أيضاً تقديم الدعم لحركات المقاومة المسلحة في المناطق النائية بإيران. لا تزال الجماعات الكردية، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني (PDKI)، وحزب الحياة الحرة (PJAK)، وحزب حرية كردستان (PAK)، وحزب كومله، نشطة في غرب إيران (Rojhelat)، بينما تواصل الجماعات البلوشية في جنوب شرق البلاد مقاومة سيطرة طهران".
ويضيف التقرير: "رغم امتلاك هذه الجماعات تنظيماً وتسليحاً محلياً، إلا أنها تفتقر إلى القدرة على العمل خارج نطاق مناطقها العرقية، ويمكن أن يشكل التواصل الاستراتيجي والتنسيق مع هذه الحركات أساساً لمعارضة وطنية أكثر تماسكاً. وفي حين يدعم بعض أفراد الشتات الإيراني شخصيات معارضة منفية مثل رضا بهلوي أو مريم رجوي، إلا أن هؤلاء الأفراد يفتقرون إلى دعم حقيقي داخل إيران، ومن غير المرجح أن يكونوا بدائل فعالة للنظام الحالي. في غياب معارضة محلية موحدة وذات مصداقية، لا بد من اتباع استراتيجيات بديلة لتسهيل التغيير".
ويستكمل التقرير: "يعد التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل والشركاء الأوروبيين والإصلاحيين الإيرانيين أمراً بالغ الأهمية لمعالجة غياب معارضة داخلية فاعلة. وكما أقرت الولايات المتحدة قانون تحرير العراق عام 1998 لدعم المعارضين لصدام حسين، ينبغي سن قانون تحرير إيراني مماثل لدعم الحركات المؤيدة للديمقراطية داخل إيران".
ويوضح التقرير: "يتضمن ذلك تعزيز النشاط الشعبي والمساعدة في تشكيل معارضة سياسية منظمة، على غرار الدور الذي لعبه المؤتمر الوطني العراقي سابقاً. ومن خلال المساعدة المالية والدعم اللوجستي والتواصل الدبلوماسي، سيكون الهدف تحديد وتمكين بدائل ديمقراطية وعلمانية للنظام الحالي".
ويرى التقرير أن "وجود معارضة داخلية شرعية قادرة على تولي السلطة في حال انهيار النظام أمر ضروري لمنع إيران من الانزلاق إلى الفوضى". ويضيف: "هذا ليس ضرورة استراتيجية فحسب، بل ضرورة أخلاقية أيضاً، إذ أبدى النظام الحالي استعداده للتضحية بالاستقرار الوطني سعياً لتحقيق أهدافه الأيديولوجية. إن الحاجة الملحة لكبح طموحات طهران الداخلية والإقليمية المتعصبة تتطلب عملاً دولياً منسقاً".
ويتابع التقرير: "لن يوقف تجديد الاتفاق النووي سعي النظام إلى امتلاك سلاح نووي، لأن مكافأة طهران بحوافز مالية بعد تدهور بنيتها التحتية العسكرية بشكل كبير يرسل رسالة خاطئة. لقد مكن الاتفاق النووي، بقيادة إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، إيران من التعافي، وتوسيع برامجها الصاروخية والنووية، وزيادة دعمها للقوى التابعة لها في كل أنحاء المنطقة. لا ينبغي لإدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، ولا للحكومات الأوروبية، الوقوع في الفخ نفسه بتكرار نهج ثبت فشله".
ويختتم التقرير: "لا يمكن القضاء على البرنامج النووي الإيراني بالكامل من دون إزالة النظام الذي يسعى إليه. فطموحات طهران النووية متأصلة في سعي أيديولوجي لتدمير إسرائيل. لن تكفي الغارات الجوية المحدودة التي تشنها إسرائيل أو الولايات المتحدة لتفكيك هذا التهديد – يجب اتباع استراتيجية تهدف إلى تسهيل تغيير النظام في طهران بجدية. سيتطلب هذا جهداً منسقاً ومتضافراً من واشنطن والقدس وحكومات أخرى لتمكين الشعب الإيراني من الانتفاضة ضد النظام الحاكم، ولن يتسنى إرساء أمن إقليمي دائم إلا بزوال النظام".
المصدر: ترجمة "لبنان 24"