الأربعاء, 9 يوليو 2025 05:50 PM

كمين بيت حانون: المقاومة الفلسطينية توقع خسائر فادحة بجيش الاحتلال الإسرائيلي

كمين بيت حانون: المقاومة الفلسطينية توقع خسائر فادحة بجيش الاحتلال الإسرائيلي

يوسف فارس: فرضت بيت حانون، الواقعة شمال قطاع غزة، وجودها مجدداً في الدقيقة التسعين من الحرب. فقد نفذ مقاومو المدينة الحدودية، التي بدأت الحرب منها وتعرضت لأكثر من عشر عمليات برية إسرائيلية على مدار 20 شهراً، أحد أكثر الكمائن دموية. وقد وصفته صفحات المستوطنين، التي تنشر المعلومات بعيداً عن الرقابة، بأنه "كارثة كبرى".

تشير الأخبار الأولية إلى احتراق عدد من الجنود داخل آلياتهم وتقطع أوصال آخرين، مع صعوبة بالغة في انتشال القتلى والجرحى. وعلى إثر الكمين الذي استمر لساعة ونصف، أعلنت مستشفيات «أسوتا» و«سوروكا» و«بلينسون» و«تل هشومير» حالة الطوارئ. كما نفذت الطائرات المروحية عمليات إخلاء تحت غطاء ناري مكثف من الطيران الحربي والقصف المدفعي المتواصل.

وفقاً للمعلومات التي نشرها جيش الاحتلال، وقعت قوة راجلة من كتيبة «نتساح يهودا» في حقل من العبوات الناسفة، زرعها المقاومون على طريق رئيسي ضمن المنطقة العازلة التي تبعد 500 متر عن السياج الفاصل. يذكر أن الجيش لم ينسحب من هذه المنطقة منذ بداية الحرب، وظلت منطقة عسكرية مُخلاة حتى خلال هدنة 19 كانون الثاني الماضي. وأفاد بيان جيش العدو بأن المقاومين فجروا عبوة ناسفة كبيرة بالقوة الراجلة، وعندما وصلت قوة الإنقاذ، حوصرت بالنيران من كل الاتجاهات.

أوضح البيان أن الكمين وقع في إطار عملية عسكرية مشتركة بين لواءين تهدف إلى تطهير المدينة من الجيوب المسلحة المتبقية. وبعد عبور قوة «نتساح يهودا» طريقاً قصفته الطائرات عدة مرات للتأكد من خلوه من العبوات الناسفة، وقعت في حلقة نار محكمة، حيث فجر المقاومون أربع عبوات تباعاً، مما أسفر عن مقتل وإصابة نحو 25 جندياً. وأقر جيش العدو لاحقاً بمقتل خمسة جنود وإصابة 16 آخرين، جروح اثنين منهم بالغة الخطورة.

لا تقتصر خصوصية هذا الكمين على تجاوز التعقيدات الميدانية، مثل انكشاف المنطقة القريبة من السياج الفاصل والخاضعة لرقابة الطائرات المسيرة وطائرات «الكوادكابتر» ومناطيد التجسس، والمتابعة البرية من الأبراج العسكرية، بل تتعداها إلى إظهار المقاومين احترافية في فهم طريقة تفكير جيش الاحتلال، وتوقع الطرق التي سيسلكها.

يعكس أسلوب «حفرة النار» تماهياً مع مسرح العمليات، حيث يستدعي الجيش الوسائط الحربية كافة لحماية الجنود المصابين وإجهاض أي عملية اختطاف. ومع ذلك، استطاع المقاومون مواصلة الكمين المركب لنحو ساعة ونصف بعد التفجير الابتدائي، وأطلقوا النار من الأسلحة الرشاشة على الجنود المصابين، وعطلوا عملية الإنقاذ، بل جعلوا من قوتي الإنقاذ هدفاً لنيرانهم.

يطالب أعضاء كنيست الوزراء بدعم رئيس الأركان في إنهاء الحرب.

نفذت «كتائب القسام» في الأسبوع الأخير الذي سبق إبرام صفقة كانون الثاني الماضي نحو 13 كميناً وعملية استهداف لآليات الاحتلال في غضون عشرة أيام، وأقر العدو بمقتل 15 جندياً وإصابة العشرات. ووجه قائد الكتيبة، حسين فياض، ضربة معنوية للاحتلال، حينما تفقد المواقع التي نفذت فيها الكتائب عملياتها وكمائنها، مفنداً رواية العدو الذي أكد اغتياله ثلاث مرات.

تزامن الكمين الكبير مع جولة المفاوضات في الدوحة، وزيارة بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، وخلاف بين المؤسستين الأمنية والسياسية، حيث تؤيد الأولى وقف إطلاق النار، فيما تدفع الثانية إلى احتلال القطاع.

أثار الكمين جدلاً واسعاً في الإعلام العبري. فقد طالب إيتمار بن غفير بإعادة وفد التفاوض ومواصلة الحرب، بينما دعا يائير لابيد إلى «إنهاء الحرب من أجل الجنود وعائلاتهم والمختطفين ودولة إسرائيل».

توسع الجدل بين أعضاء «الكابينت» و«الكنيست»، حيث قال زئيف إلكين إن «الجنود يُقتلون لكي لا يُقتل مواطنونا في 7 أكتوبر جديد»، لترد عليه ميراف بن أري بأن «الجنود يُقتلون في نفس الساحة التي تم احتلالها عدة مرّات، وبدلاً من أن يقف الوزراء ويدعموا رئيس الأركان وينهوا الحرب، يواصلون زرع الذعر والهلع من 7 أكتوبر جديد».

رأى رام بن براك أن «كل يوم إضافي في غزة يؤدّي إلى تآكل الإنجاز. وفي النهاية سوف تُمسح الإنجازات بالكامل». واعتبرت زهافا غالؤون أنه يجب «إنهاء الحرب والخروج من غزة وتحرير جميع الأسرى ووقف سفك الدماء»، وهو ما طالب به أيضاً ميراف ميخائيلي.

أفردت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مساحة لتحليل أساليب مقاتلي المقاومة، مشيرة إلى أن الجيش يدرك أن حماس استوعبت أساليبه، وأن حرب العصابات تكبده خسائر كبيرة وتفرض عليه مراجعة الاستراتيجية.

أكد أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسام»، أن عملية بيت حانون هي «ضربة إضافية سدّدها مجاهدونا الأشداء لهيبة جيش الاحتلال الهزيل ووحداته الأكثر إجراماً في ميدان ظنّه الاحتلال آمناً (…) إن معركة الاستنزاف التي يخوضها مجاهدونا مع العدو من شمال القطاع إلى جنوبه ستكبّده كل يوم خسائر إضافية»، مشيراً إلى أن «العدو نجح أخيراً في تخليص جنوده من الجحيم بأعجوبة وربما يفشل لاحقاً في ذلك ليصبح (بحوزتنا) أسرى إضافيون». كما أكّد أن «أغبى قرار يمكن أن يتخذه نتنياهو هو أن يبقي قواته داخل القطاع».

مشاركة المقال: