الجمعة, 11 يوليو 2025 09:46 PM

تقرير: استيراد السيارات المستعملة يزدهر في سوريا ويستنزف العملة الصعبة

تقرير: استيراد السيارات المستعملة يزدهر في سوريا ويستنزف العملة الصعبة

أكد الدكتور حسن حزوري، أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب، في تصريح لـ«الوطن»، أن تنظيم استيراد السيارات المستعملة عبر المنافذ السورية يحمل في طياته إيجابيات وسلبيات اقتصادية. وأشار إلى أن الأفضل كان السماح باستيراد السيارات الجديدة والمستعملة على ألا يزيد عمرها عن خمس سنوات، مع إلغاء القرار السابق الذي حدد المدة بـ 15 سنة. لكن القرار الجديد منع استيراد السيارات المستعملة بشكل قاطع، واقتصر على استيراد السيارات الجديدة (عداد زيرو)، مع السماح باستيراد سيارات لم يمض على صنعها أكثر من سنتين.

وأوضح حزوري أن عدم السماح بدخول السيارات المستعملة نهائياً، وإعطاء مهلة حتى 6 تموز لتسوية أوضاع السيارات، أدى إلى دخول أعداد من السيارات تفوق حاجة السوق الفعلية بأضعاف، وهو ما لم يكن ليحدث لو لم يصدر هذا القرار. ومع ذلك، أشار إلى أن للقرار إيجابيات عديدة، منها تحسين تحصيل الإيرادات العامة من خلال التقييد بالتسجيل الإلكتروني الذي يتيح تتبع دقيق للسيارات الداخلة، ويضمن تحصيل الرسوم الجمركية والضرائب بشكل أكثر فاعلية، مما يقلل من التهرب الجمركي والفساد.

ويرى حزوري أن ضبط الكميات الداخلة يخلق توازناً في العرض والطلب، ويمنع دخول مركبات غير مطابقة للمواصفات البيئية والفنية، ويساهم في حماية المستهلك من الاحتيال أو الغش. كما أن الاعتماد على شركات معتمدة يقلل من العشوائية في السوق ويمنع احتكار بعض الوسطاء غير الرسميين، ويعزز وجود استيراد مهني ومنظم ضمن الأطر الرسمية. وأضاف أن إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية للمركبات المستوردة يساعد الجهات المختصة (وزارات الاقتصاد – الصناعة – النقل) في تخطيط حجم الاستيراد المستقبلي وتقدير حاجات السوق المحلي، ويدعم اتخاذ قرارات تتعلق بالصناعة المحلية للسيارات أو بدائل النقل.

كما يرى حزوري أن ضبط استيراد السيارات المستعملة قد يخلق حافزًا لتطوير مشاريع محلية في صناعة أو تجميع السيارات، مما يعزز التوظيف والنمو الصناعي.

وحول تأثير دخول 212771 سيارة جديدة على القطع الأجنبي وسعر الصرف، أكد الباحث أن استيراد هذا العدد الضخم من السيارات يعني تحويل مبالغ ضخمة من الدولار الأمريكي أو اليورو إلى الخارج، سواء من خلال المواطنين أو شركات الاستيراد، وحتى لو تمت بعض التحويلات عبر السوق السوداء، فإن الأثر يبقى سلبياً على المعروض من القطع الأجنبي داخل السوق المحلي، وأن الطلب المرتفع على القطع الأجنبي يرفع الضغط على الليرة السورية.

وبالأرقام، أوضح أنه لو كان متوسط قيمة كل سيارة (مستعملة) مستوردة 8000 دولار، فإن مجموع التحويلات يساوي 212,771 × 8000 = حوالي 1702 مليون دولار، وهو رقم ضخم جدًا في اقتصاد مثل الاقتصاد السوري حالياً. وأضاف أنه لو وُجّه هذا المبلغ لاستيراد آلات إنتاج للاقتصاد الحقيقي الصناعي والزراعي لكان أفضل، لأن السيارات تعتبر سلع استهلاكية في نهاية الأمر، وخاصة السيارات للاستعمال الشخصي.

أما عن تأثير استيراد السيارات على استهلاك الوقود، فأكد أنه سيساهم حتماً في ارتفاع الطلب على المشتقات النفطية، مما يعني مزيداً من الضغط على الميزان التجاري وسعر الصرف. وفي حال لم تتم زيادة كميات التوريد أو الإنتاج المحلي، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة الوقود، وطوابير أطول في محطات التزود.

وفيما يتعلق بالأثر البيئي، أشار إلى أنه محتمل لأن معظم السيارات المستعملة القادمة إلى سوريا تكون قديمة نسبياً، مما يؤدي إلى زيادة الانبعاثات وتلوث الهواء، مع ضعف الرقابة الفنية على العوادم. وأضاف أن إدخال سيارات مستعملة يزيد من الحاجة إلى قطع تبديل مستعملة وجديدة، مما يؤدي أيضاً إلى الضغط على القطع الأجنبي وارتفاع الأسعار وازدهار السوق السوداء لقطع الغيار غير الأصلية، وبالتالي زيادة الاستيراد الموازي غير المنظم لهذه القطع.

وأشار إلى أن عدم قدرة الشوارع والساحات العامة على استيعاب هذه الأعداد الضخمة من السيارات يؤدي إلى ازدحام مروري كبير، وعرقلة للمصلحة العامة وعدم قدرة الناس على الوصول إلى أعمالهم في الوقت المحدد، بالإضافة إلى عرقلة سيارات الخدمة العامة من أمن وإطفاء وإسعاف.

بالمقابل الإيجابي، يمكن النظر للأمر كفرصة لدعم ورش تصنيع وتجميع قطع الغيار أو مراكز الصيانة المحلية، مما يخلق فرص عمل جديدة ويخفض فاتورة الاستيراد جزئياً.

هناء غانم

مشاركة المقال: