السبت, 12 يوليو 2025 02:13 AM

أزمة مياه خانقة في ريف حلب: سكان تل الضمان يطلقون نداء استغاثة لإنقاذ قراهم

أزمة مياه خانقة في ريف حلب: سكان تل الضمان يطلقون نداء استغاثة لإنقاذ قراهم

يشكل نقص مياه الشرب والري تحديًا كبيرًا في ريف حلب الجنوبي، خاصة في منطقة تل الضمان، مما يعيق عودة السكان إلى قراهم ويزيد من أعباء المقيمين في ظل بنية تحتية متهالكة وغياب حلول مستدامة.

يقول محمد العبد الله، من سكان قرية أبو رويل: "المياه هي أكبر مشكلة تواجهنا اليوم، سواء للشرب أو للري، والوضع سيئ للغاية." وأوضح أن "انعدام مياه الري أثر سلبًا على الزراعة، التي تعتبر أساس اقتصاد المنطقة، مما زاد الأعباء المعيشية على السكان وجعل الكثيرين يترددون في العودة رغم تحسن الأوضاع الأمنية."

شهادة العبد الله تثير تساؤلات حول جذور أزمة المياه في تل الضمان، والتي تعود إلى ما قبل عام 2011. ففي الثمانينات، أعدت المؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي دراسة لمشروع ري استراتيجي يهدف إلى جر قناة مياه من تركان إلى تل عابور ثم عسان وصولًا إلى تل الضمان. ورغم أهمية المشروع، بقي حبيس الأدراج بسبب البطء الإداري وغياب الإرادة التنفيذية، وتم توجيه الدراسة لاحقًا نحو منطقة أخرى.

في السنوات التي سبقت الثورة السورية، طالب الأهالي بتفعيل المشروع، لكن مدير فرع حلب لاستصلاح الأراضي أكد أن الدراسة جاهزة، لكن التمويل الحكومي غير متوفر. واليوم، بعد أكثر من أربعة عقود، لا تزال 44 قرية في مجلس بلدية تل الضمان تعاني من غياب شبكات مياه الشرب، كما أوضح رئيس المجلس المحلي برجس الحسين.

وأضاف أن السكان يعتمدون على الخزانات المتنقلة لتأمين المياه، بتكلفة تصل إلى 4 دولارات للمتر المكعب، وهي تكلفة باهظة تزيد من معاناتهم. وأشار الحسين إلى أن بعض القرى مثل الحص، مقتل الزيدي، الباقات، جب الخفجي، والمدائن، لديها شبكات مياه غير مفعلة بسبب أعطال فنية وعدم الصيانة، مما يمنع ربطها بمحطة بنان الحص.

وأوضح أن المجلس رفع طلبات لمديرية المياه لربط تل الضمان بمشروع أبو صفيطة المار عبر قرية النزيهة، لكن الردود غير حاسمة. ويؤكد الحسين أن الكهرباء متوفرة فقط في 10 قرى من أصل 44، مما يزيد من تعقيد الوضع ويحد من قدرة السكان على الاستقرار والعودة.

يرى الأهالي أن معالجة أزمة المياه ضرورة إنسانية واقتصادية عاجلة، ويدعون إلى تفعيل المشاريع القديمة، وعلى رأسها مشروع قناة ري تركان – تل الضمان، الذي يمكن أن يحدث تحولًا في المنطقة من خلال خلق فرص عمل وتثبيت السكان واستثمار الأراضي الزراعية.

منذ عام 2011، شهدت منطقة تل الضمان تحولات ميدانية وسياسية حادة، بدأت بمشاركة في الحراك السلمي ثم تحولت إلى ساحة نزاع عسكري بين قوات النظام وفصائل المعارضة، مما أدى إلى تهجير وتوقف الخدمات الأساسية. بين عامي 2012 و2016، شهدت تل الضمان اشتباكات وقصفًا جويًا متكررًا، أعقبها في 2016 هجوم استعاد النظام السيطرة على المنطقة بدعم روسي.

ورغم اتفاقيات "خفض التصعيد" عام 2017، ظل الوضع الخدمي والأمني هشًا، وعانت تل الضمان من غياب الاستقرار وتهميش البنى التحتية، بما فيها مشاريع الري الحيوية مثل قناة تركان – تل الضمان، التي بقيت مجمدة. ومع سقوط النظام السوري في ديسمبر/كانون الأول 2024، يأمل السكان في تل الضمان في بداية جديدة للإعمار، تبدأ بإعادة إحياء المشاريع التنموية المعطلة، وعلى رأسها شبكات المياه والري.

مشاركة المقال: