أعلنت وزارة الداخلية السورية عن توقيف الوزيرتين السابقتين للشؤون الاجتماعية، كندة شماط وريما القادري، بالإضافة إلى عدد من الموظفات العاملات في مؤسسات الرعاية. يأتي هذا الإجراء في إطار تحقيق رسمي يهدف إلى كشف مصير الأطفال المعتقلين والمغيبين قسرًا في سجون النظام، والتحويلات التي طالتهم إلى دور الأيتام دون علم ذويهم.
أكد المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية، في تصريح لعنب بلدي بتاريخ 6 تموز، أن التوقيف استند إلى معطيات أولية وشهادات جمعت من ذوي المعتقلين والمغيبين، وذلك بالتعاون بين وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية، بعد تشكيل لجنة تحقيق مختصة بهذا الملف.
تُعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها توقيف مسؤولين بهذا المستوى الرفيع، أي وزراء، منذ سقوط نظام الأسد، وتحديدًا منذ 8 كانون الأول 2024. شغلت كندة شماط منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية منذ شباط 2013 حتى آب 2015، بينما تولت ريما القادري المنصب من بعدها حتى آب 2020.
تشمل قائمة الموقوفات أيضًا العاملات: ندى الغبرة من مجمع “لحن الحياة”، ولمى الصواف، وفداء الفندي، ولمى البابا. وقد تم التوقيف بناءً على قرار من النائب العام بدمشق، وذلك بناءً على طلب لجنة التحقيق المختصة بمتابعة مصير أبناء وبنات المعتقلين والمغيبين قسرًا. تتهم اللجنة الموقوفات بعدم التعاون مع أهالي الأطفال المختفين وإخفاء معلومات أو التستر على ملفات حساسة تتعلق بمصيرهم.
يواجه المسؤولون الموقوفون اتهامات بتزوير أوراق بهدف نقل أطفال من ذوي المعتقلين في سجون نظام الأسد، والذين يقدر عددهم بين 300 و500 طفل، إلى دور الأيتام في دمشق، ومن ثم إلى منازل ضباط وشقق سكنية.
أوضح سامر قربي، المتحدث باسم اللجنة، في تصريحات لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن التحقيقات كشفت عن وجود ثغرات في إدارة بعض دور الرعاية، بالإضافة إلى توفر وثائق تشير إلى تحويل أطفال كانوا في السجون إلى جمعيات أيتام تابعة للحكومة، دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة أو إشعار عائلاتهم.
أكد قربي أن اللجنة تعتبر هذه المخالفات ذات طابع جنائي، وأن العمل جارٍ لتوسيع نطاق التحقيقات بهدف كشف الشبكة المسؤولة عن هذه التجاوزات. وأضاف أن اللجنة تسعى إلى حصر عدد الأطفال الذين تم تحويلهم من مراكز الاحتجاز إلى دور الرعاية، والتأكد من هوياتهم وأماكن وجودهم، والكشف عن مصير المغيبين قسرًا.
بدأت اللجنة عملها فعليًا بوضع خطط ميدانية وجمع الشهادات من الأهالي، خاصة في المناطق التي شهدت حالات اختفاء قسري خلال السنوات الماضية. وتضم اللجنة ممثلين عن وزارات الداخلية، العدل، الأوقاف، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات وذوي المفقودين، مما يتيح تبادل المعلومات والتنسيق في الإجراءات القضائية واللوجستية.
في كانون الثاني الماضي، أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية في الحكومة المؤقتة تعميمًا دعت فيه ذوي الأطفال المفقودين إلى مراجعة مديرياتها في المحافظات، لتقديم شهادات ومعلومات تساعد في عمليات البحث، وذلك بعد إعلان الوزارة عثورها على وثائق صادرة عن فروع أمنية تشير إلى تحويل أطفال معتقلين إلى جمعيات أيتام دون معرفة أهلهم.
يُعتبر هذا التطور خطوة غير مسبوقة في ملف المغيبين قسرًا، وسط مطالب حقوقية متزايدة بمحاسبة المسؤولين وكشف الحقائق للرأي العام.