ركزت ورشة عمل نظمتها وزارة الزراعة في سوريا على بحث سبل تطوير القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، في ظل التحديات التي فرضها الجفاف والحرائق الأخيرة في ريف اللاذقية، بالإضافة إلى كيفية التخفيف من الأضرار الناتجة عن التغيرات المناخية.
ناقشت الورشة، التي استضافتها الوزارة في دمشق بمشاركة منظمات دولية عاملة في القطاع الزراعي، أولويات التدخل المرحلي، والتحديات القائمة، واقتراح آليات لمعالجتها، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمنظمات الأممية، بما يحقق الدعم الأمثل وفق تخصص كل منظمة.
مداخلات الجهات الحكومية
استعرضت الجهات التابعة لوزارة الزراعة واقع العمل في كل مؤسسة، والتحديات التي تواجهها، والخطط المقترحة للنهوض بالقطاع، وإيجاد حلول للحد من أضرار التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، كالجفاف والحرائق.
قُدِّم ملخص عن تغيرات المناخ في سوريا، وتوزعات الهطولات المطرية، في ظل تراجع الموارد المائية ومخزون السدود، بالإضافة إلى خرائط الأدلة الجفافية والإجراءات المتخذة للسيطرة على حرائق الغابات، والمعدات المستخدمة، وأولويات التدخل السريع والمتوسط، والخطط المعتمدة بالتعاون مع الجهات المعنية.
أكد ممثلو الجهات الحكومية أهمية تطوير أساليب مكافحة الحرائق، وتقديم الدعم لمستلزمات العمل الزراعي، وتأهيل الكوادر الزراعية، ودعم المزارعين والمربين والثروة الحيوانية، والاعتماد على طرق الري الحديث لمواجهة الجفاف، واعتماد المحاصيل المقاومة له.
أشاروا إلى ضرورة إصدار التشريعات القانونية اللازمة للحفاظ على الغطاء النباتي، وتحقيق التنمية المستدامة للقطاع الزراعي، وتأهيل المعامل الإنتاجية، ووضع خطط استجابة سريعة لكل الظروف المناخية المحتملة، إضافة إلى دعم المنظمات الأممية والاستفادة من تجارب الدول التي واجهت الجفاف والحرائق.
الإنذار المبكر عن الجفاف
جرى التأكيد على أهمية تعزيز وحدة الإنذار المبكر عن الجفاف، وإعادة تأهيل المراعي وإقامة المحميات الطبيعية، وتنفيذ مشاريع حصاد المياه، وحفر السدود والبحيرات الجبلية لتخزين المياه، وتجهيز آبار البادية، وترشيد الموارد المائية، وإعادة تأهيل شبكات الري، خاصة في المناطق الأكثر تضرراً بالجفاف.
طروحات المنظمات الأممية
ركز ممثلو المنظمات الأممية المعنية بالقطاع الزراعي والإنمائي والصليب الأحمر واللاجئين على أهمية وجود برامج تعاون فنية وأنظمة إنذار مبكر وخطط للاستجابة، والاستفادة من تجارب المنظمات في الدول التي واجهت التغيرات المناخية والكوارث، ووضع أفكار جديدة لمواجهتها والتخفيف من أضرارها، وتعزيز التوعية المجتمعية في حماية الغابات، ووضع ضوابط قانونية تمنع قطع الغابات، وتشجيع النشاطات التي تنميها، ودعم المربين والمزارعين، وتدريب المزيد من الكوادر على التعامل مع الحرائق.
أكدوا أن المنظمات تعمل على تعزيز التعاون والوقوف إلى جانب الوزارة في دعم القطاع الزراعي، ومواجهة الأخطار وخاصة الجفاف والحرائق، حيث عملت عدد من المنظمات على تشكيل فرق عمل بالتعاون مع الوزارة للدعم الفني ووضع خطط للإنذار المبكر والاستشعار عن بعد.
لفتوا إلى ضرورة وجود بيانات دقيقة عن الواقع الزراعي في سوريا، والتأثيرات التي ألحقها الجفاف في المساحات الزراعية، وتداعيات الحرائق على الغابات، وتعزيز التعاونيات الزراعية الإنتاجية، ودعم نشاطات زراعة الغراس.
جرى التشديد على أهمية زراعة منتجات مقاومة للجفاف، ودعم سلاسل المواشي والأبقار، ودعم مشاريع تطوير سلالات الأصناف المقاومة للجفاف، وتوفير مستلزمات الإنتاج.
تأكيد رسمي على تقديم التسهيلات
أوضح وزير الزراعة الدكتور أمجد بدر أن التحديات التي تواجه القطاع الزراعي كبيرة نتيجة الدمار الممنهج الذي ارتكبه النظام البائد، والفساد الذي تجذر في المؤسسات الحكومية، مشيراً إلى أن سوريا تعاني هجرة الخبرات والأيدي العاملة، وخروج مساحات من دائرة الاستثمار، وفقدان قواعد البيانات السليمة، حيث سيتم العمل على بناء قاعدة بيانات صحيحة، لرصد ومسح حجم ما تمتلكه سوريا في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، والاحتياجات المطلوبة لتطويره.
أكد وزير الزراعة أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين المنظمات الأممية والوزارة، وتنظيم العمل بين هذه المنظمات بالشكل الذي يلبي احتياجات القطاع الزراعي، ويحقق الأهداف المرسومة لتطوير هذا القطاع.
وفي رده على مداخلات المشاركين، لفت الوزير إلى أنه سيتم تعزيز التوجه نحو الري الحديث وتطوير القطاع الزراعي وزيادة إنتاجيته، وتحقيق القيمة المضافة له، وتطوير آليات التسويق والترويج وتشجيع الاستثمارات.
بيّن وزير الزراعة أن موجة الجفاف التي شهدتها سوريا، أثرت في المساحات المزروعة وإنتاجيتها في ظل شح المياه والعشوائية في استخدام المياه السطحية والجوفية، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على تجاوز هذه التحديات وبذل المزيد من الجهود بالتعاون مع المجتمع المحلي والمنظمات الدولية على النهوض بالقطاع الزراعي في سوريا، وتعزيز والقوانين والتشريعات الخاصة بالاستهلاك الرشيد للمياه وخاصة موضوع الري الحديث.
أشار الوزير إلى أن الحرائق في ريف اللاذقية طالت 17 ألف هكتار تقريباً، تضمنت الكثير من المساحات المزروعة والبنية التحتية وتسببت بكارثة، مثمناً الجهود التي بذلت من الجهات الحكومية والمجتمعية في إخماد الحرائق إضافة إلى المساعدات التي قدمت من بعض الدول.
بيّن الوزير بدر أن الوزارة تعمل من خلال الفرق الفنية على تقييم الأضرار من خلال المسح الميداني، والاستجابة الطارئة وتقديم المساعدات للمتضررين، ووضع الخطط لمكافحة الحرائق وصيانة خطوط النار القديمة، والعمل على تأسيس بنية تحتية صحيحة وإعادة التحريج، وتعزيز الطاقات الإنتاجية الحراجية.