بعبارة تختزل الكثير، يمكن وصف العرض المسرحي "آخر ليلة.. أول يوم" بأنه رحلة من الاحتفاء بذكرى الزواج إلى خلاف حاد يقود الزوجين إلى قرار الطلاق في صباح اليوم التالي. يبدأ العرض بمشهد احتفال الزوجين (منى ووسام) بذكرى زواجهما، ثم يتطور إلى شجار عنيف يجبرهما على استحضار الماضي وتذكير بعضهما البعض بالأفعال والتصرفات، مما يبقي الخلاف على أشده حتى موعد الاحتفال بذكرى زواجهما التالية، حيث يعودان للاحتفال وتناسي الخلافات، وهو ما يمثل نهاية العرض.
"آخر ليلة.. أول يوم"، عرض مسرحي افتتح في العاشر من تموز على خشبة مسرح "الحمراء" بدمشق، ويستمر لمدة 14 يومًا. المسرحية من بطولة عهد ديب ورائد مشرف، وتأليف جوان جان، وإخراج رائد مشرف.
شخصيتا المسرحية
منى: زوجة وسام، تطمح لأن تكون كاتبة سيناريو ناجحة، لكنها تصطدم بواقع العمل الفني وتحدياته، وترفض أن تكون ضحية لتحقيق حلمها. تعاني من فتور زوجها ومن حياة زوجية غير مستقرة.
وسام: طبيب ناجح، يقيم علاقات عاطفية متعددة، وهو ما يؤدي إلى نشوب الخلافات اليومية بينه وبين زوجته، بالإضافة إلى انفعالاته المباشرة.
الخلافات المستمرة بين منى ووسام في منزلهما المتواضع، تعود إلى فتور العلاقة الزوجية وخيانات وسام المتكررة، وفكرة الطلاق التي تلوح في الأفق طوال العرض، والتي يواجهها حبهما المتبادل رغم كل التناقضات. فكل مشهد شجار بين الزوجين ينتهي بعودة الحنين لبعضهما، مما يعكس الحب بينهما رغم المشكلات.
الفنانة عهد ديب صرحت لعنب بلدي بأن عودتها إلى المسرح كانت من أهم العوامل التي شجعتها على تقديم شخصية منى، وأن هذه الشخصية تعبر عن واقع العديد من النساء السوريات في علاقاتهن الزوجية وما يواجهنه من تحديات. وأشارت إلى أن تجسيد دور امرأة متزوجة لديها أحلام تسعى لتحقيقها، رغم غياب الدعم من الشريك، ليس بالأمر السهل، لأن هذه الأدوار تلامس قضايا مجتمعية، خاصة في الظروف الراهنة. وأكدت أن رسالة العمل المسرحي هي أن الخلافات الزوجية موجودة في كل بيت، ولكن الحب يمكن أن يستمر رغم الصعاب.
الفنان رائد مشرف، وفي حديثه إلى عنب بلدي، يرى أن المسرحية مناسبة للوقت الحالي وتلامس الجمهور، وتسلط الضوء على مشاكلهم وهمومهم، مما يجعل هذا النوع من الأعمال المسرحية قريبًا جدًا من الجمهور. وعن تجسيد شخصية الطبيب الخائن والمحب لزوجته في الوقت نفسه، أوضح مشرف أن التناقض في شخصية وسام يعكس واقعًا موجودًا في المجتمع، حيث توجد جميع أنواع الشخصيات بتصرفاتها ومواقفها المختلفة.
حضور لافت
شهد افتتاح العرض حضورًا كبيرًا ولافتًا من الجمهور، خاصة في ظل محدودية الأعمال المسرحية التي تعرض حاليًا في المسرح السوري. الفنانة عهد ديب أعربت عن دهشتها بالإقبال الكبير على حضور العرض، مضيفة أنها لم تكن تتوقع هذا العدد، مما يدل على أهمية المسرح والفن في سوريا. أما الفنان رائد مشرف فقال إن الإقبال كان "عظيمًا وكبيرًا"، وهذا يدل على أهمية الفن والعروض المسرحية لدى الجمهور السوري، وأن المسرح له مكانة خاصة لديهم.
وفي لقاء سابق، قال المخرج المسرحي مأمون الخطيب لعنب بلدي إن المسرح السوري اليوم لا يحتاج فقط إلى "دعم"، بل إلى إعادة بناء من الجذور، ثقافيًا ومؤسساتيًا وفنيًا وأخلاقيًا. ويرى أن المسرح بحاجة إلى ثورة ثقافية وليس مجرد "إصلاح" شكلي أو توجه يحتوي الإلغاء والعودة إلى الخلف مع احترام الكفاءات الحقيقية والتاريخ الحقيقي للمسرح السوري العريق.