الإثنين, 14 يوليو 2025 09:44 PM

تفاصيل استثمار "موانئ دبي العالمية" في مرفأ طرطوس: عائدات سوريا وخطط التطوير

تفاصيل استثمار "موانئ دبي العالمية" في مرفأ طرطوس: عائدات سوريا وخطط التطوير

وقعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية اتفاقية مع شركة "موانئ دبي العالمية" لاستثمار ميناء طرطوس، بهدف تطوير البنية التحتية واللوجستية للموانئ في سوريا. وأوضح مدير عام الموانئ، عدنان حاج عمر، في تصريح لعنب بلدي، أن الاتفاقية هي عقد امتياز يمنح الشركة حق إدارة وتشغيل ميناء طرطوس لمدة 30 عامًا. وتلتزم الشركة بتقديم نظام تشغيلي خلال ستة أشهر من تاريخ الاستلام، على أن يخضع هذا النظام لموافقة "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية".

تبلغ قيمة الاستثمارات في هذا المشروع 800 مليون دولار أمريكي. وستكون الشركة مسؤولة عن الإدارة والتشغيل الكامل لجميع خدمات المرفأ، بما في ذلك رسو السفن، المناولة، تزويد السفن، وتخزين الحاويات والبضائع. وأكد حاج عمر أن الجوانب السيادية والأمنية وسلطة الميناء البحرية ستبقى تحت إشراف الدولة السورية.

تتضمن خطة الاستثمار ثلاث مراحل. في المرحلة الأولى، ستنفذ شركة "موانئ دبي العالمية" برنامج تطوير أولي للميناء ومحطاته باستثمار قدره 200 مليون دولار أمريكي، على مدار أربع سنوات بمعدل 50 مليون دولار أمريكي سنويًا. أما المرحلة الثانية فتبلغ استثماراتها 200 مليون دولار أمريكي، والمرحلة الثالثة 400 مليون دولار أمريكي.

عوائد الاستثمار

أشار حاج عمر إلى أن الدولة السورية، ممثلة بالهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، ستحصل على 45% من إجمالي الإيرادات، وسيتم دفع هذه النسبة شهريًا بالعملة التي تم التحصيل بها، سواء كانت عملة أجنبية أو ليرة سورية.

يهدف هذا الاستثمار إلى تحويل المرفأ إلى منصة لوجستية إقليمية متقدمة على الساحل الشرقي المتوسط، قادرة على مواكبة تحولات التجارة العالمية وتلبية متطلبات السوق الإقليمي والدولي. وتشمل الأهداف الرئيسية للعقد رفع القدرة الاستيعابية للميناء، وتعزيز القدرة التنافسية لمرفأ طرطوس، وتحديث محطة الحاويات ومحطة البضائع العامة، وتوسيع وتحسين الخدمات البحرية الحيوية.

أوضح حاج عمر أن العقد يراعي خصوصية بعض الخدمات المستثناة من الاستثمار الخاص، مثل الأنشطة المستثمرة مسبقًا من قبل جهات حكومية كمؤسسة "سادكوب"، والتي ستبقى قائمة ضمن إطارها التنظيمي لخدمة الجهات العامة.

يسعى هذا الاستثمار إلى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ودعم التنمية الاقتصادية المحلية، وتحسين سلاسل الإمداد والتوريد، مما يسهم في تقليل تكاليف النقل وتسهيل حركة التجارة الوطنية والدولية.

ذكر حاج عمر أن موانئ دبي تدير حاليًا أكثر من 78 محطة بحرية وبرية في أكثر من 60 دولة، وتمتلك شبكة موانئ تمتد من جبل علي في الإمارات، إلى أوروبا، آسيا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية. وسيترجم هذا في مرفأ طرطوس من خلال:

  • ربط مباشر بموانئ استراتيجية: كجبل علي، جدة، السخنة، العين السخنة، وداكار، ما يمنح مرفأ طرطوس دورًا محوريًا في حركة التجارة الإقليمية والعابرة.
  • جذب خطوط شحن جديدة ومباشرة، بفضل علاقات موانئ دبي مع أكبر شركات الشحن العالمية (مثل CMA CGM، Maersk ،MSC)، الأمر الذي يخفض التكاليف ويرفع كفاءة التصدير والاستيراد.
  • تكامل لوجستي مع المناطق الحرة والجافة التي تديرها المجموعة عالميًا، ما يفتح الباب أمام استثمارات صناعية وتجارية مباشرة في محيط مرفأ طرطوس، وخاصة عبر تخصيص مساحات للمصانع، مستودعات التبريد، ومراكز التجميع والتوزيع.
  • بنية تحتية رقمية متطورة ستطبق في المرفأ، تتضمن أنظمة تتبع الشحنات، الحجز الإلكتروني، والخدمات الذكية، ما يجعل طرطوس ميناءً ذكيًا متكاملاً ضمن المنظومة العالمية
  • ثقة المستثمرين العالمين بخبرة وسمعة "موانئ دبي"، والتي من شأنها أن تجذب شركاء استراتيجيين إلى طرطوس، سواء في قطاع النقل أو الصناعة أو الخدمات المرافقة

وبالتالي، فإن إدخال مرفأ طرطوس ضمن شبكة موانئ دبي لا يعني فقط تحسين الأداء الميداني، بل تحويله إلى عقدة لوجستية متكاملة، تخدم المنطقة وتعيد ربط سوريا بممرات التجارة العالمية الحديثة.

مناطق لوجستية

أضاف حاج عمر أن الهيئة العامة للمنافذ تعمل على بناء مناطق لوجستية متقدمة تقدم خدمات شاملة ومترابطة، وفي ذات الوقت سيتم تطوير مرافئ جافة ومناطق حرة استراتيجية مثل: مدينة حسيا الصناعية، المنطقة الحرة بعدرا، المنطقة الحرة في المسلمية- حلب، المنطقة الحرة السورية الأردنية المشتركة.

ستكون هذه المواقع مراكز للعمليات التالية: التجميع والتغليف، إعادة التصدير، التصنيع الخفيف، التحويل الصناعي، وخدمات القيمة المضافة للمصانع. وستربط هذه المناطق بشبكة نقل بري متقدمة تصلها مباشرة بالمرافئ البحرية، ما يشكل نقلة نوعية في كفاءة الخدمات اللوجستية.

أثر تطوير الموانئ

أشار حاج عمر إلى أن العقد يلزم "موانئ دبي" باستخدام عمالة سورية مؤهلة بنسبة لا تقل عن 90% من إجمالي العاملين، مع التزام بتدريب الكوادر إداريًا وفنيًا داخليًا وخارجيًا مرة واحدة على الأقل سنويًا للمديرين وللموظفين غير الإداريين. ويجوز لها أن توظف عمالًا أجانب شريطة ألا يتجاوز عددهم عن (10%) من مجموع القوى العاملة في الميناء.

أكد حاج عمر أن فوائد تطوير الموانئ ستنعكس على المواطن من حيث: انخفاض كلفة الشحن ما سينعكس تدريجيًا على أسعار السلع، لا سيما الأساسية منها، ارتفاع النشاط الاقتصادي، ما يعني زيادة من فرص العمل، خصوصًا للشباب والمهنيين في المجالات التقنية واللوجستية، تعزيز الموارد المحلية من الرسوم والعائدات سيسهم في تحسين الخدمات العامة، مثل صيانة الطرق، ودعم البلديات الساحلية، وتحسين البنية التحلية في الأحياء المحيطة بالموانئ.

واختتم حاج عمر بأن تطوير الموانئ لم يعد ترفًا تقنيًا، بل أداة استراتيجية للنهوض بالاقتصاد المحلي، وتحقيق فائدة مزدوجة من جهة الدولة كمؤسسة، ومن جهة أخرى للمواطن السوري الذي يحتاج اليوم إلى حلول واقعية لدعم معيشته وتفتح له آفاق العمل والاستقرار.

يذكر أن الاتفاقية وقعت بحضور الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، يوم الأحد 13 من تموز، بين الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية وشركة موانئ دبي العالمية بقيمة 800 مليون دولار أمريكي، كخطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للموانئ والخدمات اللوجستية في سوريا. وجاءت هذه الاتفاقية استكمالًا لإجراءات مذكرة التفاهم المتعلقة بالموضوع، الموقعة في شهر أيار الماضي. ويعد ميناء طرطوس ثاني أكبر المواني في سوريا بعد ميناء اللاذقية على الساحل السوري، إذ تشكل المواني في سوريا نافذة استراتيجية في شرق المتوسط، ويضعها موقعها الذي يربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، على خريطة المستثمرين.

مشاركة المقال: