الإثنين, 14 يوليو 2025 09:43 PM

السويداء: عودة مؤسسات الدولة ضرورة ملحة وليست مجرد خيار سياسي

السويداء: عودة مؤسسات الدولة ضرورة ملحة وليست مجرد خيار سياسي

تعيش السويداء منذ سنوات في حالة من الفوضى والتوتر المستمر، وذلك نتيجة لغياب مؤسسات الدولة عن المشهد المحلي. وقد أدى هذا الغياب إلى إفساح المجال أمام بعض المجموعات المسلحة لفرض سيطرتها بقوة السلاح، وتغذية خطاب الانقسام والتمرد، مما أثر سلباً على أمن المواطنين واستقرارهم.

إن عودة الدولة بكامل مؤسساتها إلى المحافظة لم تعد مجرد خيار سياسي، بل أصبحت ضرورة وطنية وأمنية وإنسانية ملحة، وذلك لضمان استقرار السويداء وأمن أهلها، وتوفير الخدمات الأساسية لهم، على غرار باقي المحافظات السورية. وقد أثبتت التجربة أن أي منطقة تُرفع عنها سلطة السلاح غير الشرعي، سرعان ما يعود إليها الأمن تدريجياً، وتبدأ الحياة بالدوران من جديد، كما حدث في صحنايا وجرمانا بعد خروج المجموعات المسلحة منهما.

من حق أبناء السويداء أن ينعموا بالأمان، وأن يعيشوا تحت سلطة القانون، لا تحت سطوة الميليشيات التي استولت على مؤسسات المحافظة، وعطلت الخدمات، وفرضت أجنداتها الخاصة على حساب الناس وكرامتهم. ومن حقهم أيضاً أن يُسمع صوتهم الحقيقي، بعيداً عن منطق التحريض الطائفي الذي يهدف إلى تصوير السويداء كمنطقة خارجة عن سلطة الدولة، وهو أمر ترفضه الأغلبية الساحقة من أهلها.

من المؤسف أن تستغل بعض الجهات الدينية نفوذها وشعاراتها في خطاب طائفي يهدف فقط إلى حماية مصالح ضيقة، في وقت يتطلب فيه الظرف الوطني التكاتف والوحدة، لا التفرقة والتعميق للأزمة. ولا يمكن تجاهل حقيقة أن ما يجري يخدم مصالح قوى أخرى، مثل عصابات الكبتاغون، التي لا تريد للسويداء الاستقرار، وتجد في الفوضى بيئة مثالية لتهريبها ونفوذها، مستفيدة من تواطؤ بعض الميليشيات المحلية.

كما أن الرهان على الخارج أصبح مكشوفاً، فالأطراف الدولية لا تحمل مشروعاً حقيقياً لحماية الناس أو دعمهم، وتجربة التخلي الأميركي عن “قسد” كانت الدرس الأوضح في هذا السياق. إن خلاص السويداء يبدأ من إجماع وطني داخل المحافظة، يقوده أبناؤها الشرفاء، ويرتكز على الوقوف بوجه كل من يعطّل عودة الدولة، ويرفض الاحتكام للقانون. فالدولة بكل ما تمثل من مؤسسات وقانون، هي الضمان الوحيد لوحدة السويداء، وأمنها، وتنميتها، وخلاصها من الفوضى.

مشاركة المقال: