الإثنين, 14 يوليو 2025 11:37 PM

تلبيسة تستغيث: كارثة صرف صحي تهدد حياة 100 ألف نسمة وتلوث البيئة

تلبيسة تستغيث: كارثة صرف صحي تهدد حياة 100 ألف نسمة وتلوث البيئة

في ظل غياب الحلول العاجلة، تتحول مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي إلى بؤرة خطر حقيقي يهدد البيئة والصحة العامة لسكانها، البالغ عددهم نحو 100 ألف نسمة، نتيجة انهيار كامل لمنظومة الصرف الصحي، وغياب أي مشروع إنقاذي فاعل حتى اللحظة.

قسمان وكارثة واحدة

تنقسم المدينة إلى قسمين من حيث البنية التحتية للصرف الصحي، وكلاهما يعاني مشكلات خطيرة. ورغم احتواء القسم الغربي على أكثر من 60% من سكان المدينة، فإنه ما زال بلا شبكة صرف صحي فعالة. المشروع الإقليمي الذي كان مخصصًا لتغطية هذه المنطقة لم يُنفذ بشكل كامل منذ ما قبل الثورة، مما أدى إلى ترك السكان دون حلول تقريبًا. واضطرت العائلات إلى حفر “حفر فنية” بجوار منازلهم لتصريف مياه الصرف، وهو ما تسبب في تلوث آبار المياه الجوفية، وانتشار الروائح الكريهة والحشرات الناقلة للأمراض، وتسجيل حالات إصابة بأمراض تنفسية بين الأطفال وكبار السن.

وقال المهندس إسماعيل الضيخ، رئيس مجلس المدينة السابق، في حديث لمنصة سوريا 24: “ما يحدث في القسم الغربي هو كارثة تراكمية. الناس يعيشون في ظروف غير إنسانية بسبب غياب بنية تحتية أساسية، ولم يُكمل تنفيذ المشروع رغم الحاجة الماسة إليه، ولا توجد بدائل فعالة”.

القسم الشرقي: شبكات قديمة ومتهالكة

أما في القسم الشرقي، فإن المشكلة ليست أقل خطورة، إذ تعاني الشبكات القديمة من حالة تدهور شديدة، مع انسدادات مستمرة، وتسرب للمياه إلى أسس المنازل، وسقوط سيارات داخل حفر مكشوفة. وتنتهي إحدى الشبكات في نهر العاصي عبر قناة تمر أسفل السكة الحديدية، وهي اليوم شبه مغلقة، ما يؤدي إلى تجمع المياه وتفاقم الانسدادات، كما أنها تسببت في تلوث المياه الزراعية المستخدمة في الري.

وأكد عبد القادر الشعبان، رئيس المجلس المحلي الحالي لمدينة تلبيسة، في حديث لمنصة سوريا 24: “للأسف، لا يوجد أي دعم حتى الآن من أي منظمة أو جهة دولية لمعالجة موضوع الصرف الصحي. نحن على تواصل دائم، لكن الأمور تأخذ وقتًا، وفي الوقت الحالي نعمل على ضبط الأزمة مؤقتًا إلى حين توفير الحلول الجذرية”.

غياب الصيانة والمعدات والكوادر المؤهلة

ولا تمتلك البلدية سوى عدد محدود من الآليات المتخصصة في صيانة المجاري، فيما تعاني فتحات الصرف (المعروفة محليًا بالريكارات) من تراكم الرواسب والإهمال. إضافة إلى ذلك، يعاني القطاع من نقص في الكوادر الفنية المؤهلة، ما يجعل التعامل مع المشكلات أكثر تعقيدًا، ويستدعي فصل العمل الفني عن الإدارة البلدية لضمان الكفاءة والاحترافية.

التوصيات: استنفار عاجل لإنقاذ المدينة

أمام هذا الواقع الخطير، أوصى الدكتور سليم طه من لجنة أحياء المدينة، في حديث لمنصة سوريا 24، بما يلي:

  1. تنفيذ شبكة صرف صحي إسعافية عاجلة في المناطق غير المخدمة، خاصة القسم الغربي.
  2. إعادة تأهيل كامل شبكة الصرف الصحي وفق المخطط التنظيمي المعتمد.
  3. إجراء تقييم بيئي شامل لواقع المدينة الصحي والخدمي.
  4. تأمين آليات ومعدات صيانة متخصصة بالصرف الصحي وكنس الشوارع.
  5. تدريب فرق فنية متخصصة وفصل عملها عن بلدية المدينة لضمان الاستقلالية والفعالية.

السكان يناشدون: أنقذوا تلبيسة

وقال الناشط ماجد درويش، من سكان المنطقة، في حديث لمنصة سوريا 24: “نحن لا نطلب شيئًا فاخرًا، بل فقط حقنا الطبيعي في حياة كريمة وبيئة آمنة”، مضيفًا: “تلبيسة ليست بعيدة عن العالم، فهي على الطريق الدولي، لكنها تُعامل كما لو كانت في آخر الدنيا. نريد من كل من يستطيع المساهمة أن يمد يده قبل فوات الأوان”.

ووسط كل ذلك، تتعالى أصوات الأهالي للتحذير من أن تلبيسة تدق ناقوس الخطر، فإما أن تستيقظ الجهات المختصة وتتحرك لإيجاد حلول جذرية، أو ستكون المنطقة أمام كارثة صحية وبيئية قد تطال آلاف العائلات في القريب العاجل.

مشاركة المقال: