الثلاثاء, 15 يوليو 2025 02:00 AM

الأرض تدور أسرع: هل نشهد حذف ثانية من التوقيت العالمي؟

الأرض تدور أسرع: هل نشهد حذف ثانية من التوقيت العالمي؟

على مر العصور الجيولوجية، لم يكن طول اليوم ثابتًا كما نعرفه اليوم. فمنذ أكثر من 200 مليون سنة، في عصر الديناصورات، كان اليوم الواحد أقصر من 23 ساعة. ويعزى هذا الفرق إلى سرعة دوران الأرض في ذلك الوقت، نتيجة لتأثيرات جاذبية أضعف بين الأرض والقمر مقارنة بالوضع الحالي.

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن متوسط طول اليوم خلال العصر البرونزي، قبل حوالي 4000 عام، كان أقصر بنحو نصف ثانية مما هو عليه الآن (حوالي 86,400 ثانية). قد يبدو هذا الفرق ضئيلاً، ولكنه ذو أهمية كبيرة في علوم الفلك والجيوفيزياء، حيث يُستخدم في تحليل حركة الأرض بدقة بالاستعانة بالسجلات الجيولوجية والآثار.

مع مرور الوقت، يستمر دوران الأرض في التباطؤ تدريجيًا بسبب قوى المد والجزر والتأثيرات الداخلية في بنية الكوكب. ويتوقع العلماء أنه بعد حوالي 200 مليون سنة، قد يصل طول اليوم إلى 25 ساعة بدلاً من 24.

تتأثر سرعة دوران الأرض بعدة عوامل طبيعية، منها:

  • تغير توزيع الكتلة على الكوكب، مثل ذوبان الجليد القطبي.
  • النشاط الزلزالي والبراكين، التي تعيد تشكيل باطن الأرض وتؤثر على توازن الكوكب.
  • حركة اللب الخارجي السائل للأرض، وهو عامل محوري في توليد المجال المغناطيسي وتوزيع الكتلة الداخلية.
  • الجاذبية بين الأرض والقمر، التي تلعب دورًا مستمرًا في إبطاء دوران الكوكب تدريجيًا.

على الرغم من الاتجاه العام نحو التباطؤ، لاحظ العلماء منذ عام 2020 أن الأرض بدأت تدور بشكل أسرع قليلاً. ووفقًا للهيئة الدولية لدوران الأرض (IERS)، أصبحت بعض الأيام أقصر من المعتاد بما يتراوح بين 1.5 و1.6 مللي ثانية.

وقد سُجّل أقصر يوم على الإطلاق في 5 يوليو 2024، وكان أقصر من اليوم الطبيعي بـ1.66 مللي ثانية. وتوقعت منصة “Time and Date” حدوث أيام مشابهة في يوليو وأغسطس 2025.

قد تدفع هذه التغيرات الدقيقة للمرة الأولى إلى طرح ثانية كبيسة من التوقيت العالمي، بدلاً من إضافتها كما كان يحدث سابقًا. وإذا استمر هذا التسارع، قد يحدث ذلك في عام 2029، لتقفز الساعة مباشرة من 23:59:59 إلى 00:00:01، دون المرور بالثانية 00:00:00.

يعتمد النظام الحالي لضبط التوقيت العالمي على الساعات الذرية عالية الدقة، ويتم تعديل الوقت من خلال إضافة أو حذف ثوانٍ عند الضرورة لضمان توافقه مع دوران الأرض.

لا يزال السبب الدقيق للتسارع الأخير غير معروف تمامًا، ولكن يُرجح العلماء أن هناك مجموعة من العوامل المؤثرة، منها:

  • تغيرات داخلية في نواة الأرض.
  • تأثيرات المد والجزر.
  • النشاط الزلزالي والبركاني.
  • ذوبان الجليد وتغير توزيع الكتلة.

في الواقع، هذه التغيرات الصغيرة في طول اليوم لا تؤثر على الحياة اليومية بشكل مباشر، ولكنها شديدة الأهمية في مجالات تعتمد على التوقيت الدقيق مثل:

  • أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS).
  • شبكات الإنترنت.
  • النقل الجوي.
  • علوم الفلك والتلسكوبات.

الخلاصة: الزمن ليس شيئًا ثابتًا كما نعتقد. فطول اليوم الذي نعرفه يتغير ببطء شديد عبر العصور، نتيجة تفاعلات معقدة بين الأرض وقواها الداخلية والخارجية. هذا التغير يعكس طبيعة كوكبنا الديناميكية ويُذكّرنا بأن الأرض كيان حي يتطور باستمرار.

المصدر: الجزيرة

مشاركة المقال: