الشيخ محمود رمضان يستهل مقاله بالحمد لله الذي كرّم الإنسان وفضّله، وشرّع له الوصايا والأحكام بواسطة كتبه ورسله. ويستشهد بقوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام 151، 152].
ثم يعدد الشيخ المحرمات التي ذكرت في الآيات، مؤكداً على أهميتها وتأثيرها في المجتمع، وأنها امتداد للوصايا العشر في الشرائع الماضية. ويركز على قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) مبيناً أن النهي قاطع عن قتل النفس إلا بالحق.
ويستشهد بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (النحل 90)}، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (النساء 58)}، وقوله: {أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ (النور 25)}.
ويوضح الشيخ رمضان أن الله هو الحق والعدل، ولا يأمر بالظلم، فكيف يجوز أن نحكم بأنه أمر بقتل النفس إلا بالحق، أي بالتبين لأمر الله بالحكمة والعدل والإنصاف، لا بالباطل والعبث، وبما هو مبرر شرعاً وقانوناً.
ويستدل بحديث رواه أبو داود والنسائي عن عائشة (ر) أن رسول الله (ص) قال: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال: زان محصن يرجم، أو رجل قتل رجلاً متعمداً فيقتل، أو رجل يخرج من الإسلام يحارب الله عز وجل ورسوله فيقتل، أو يصلب أو ينفى من الأرض.
ويشير إلى أن الأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً، منها ما رواه مسلم أن رسول الله (ص) قال: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء). وأخرج الترمذي والنسائي عن النبي (ص) قال: (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم).
ويختم الشيخ رمضان بالتأكيد على أن احترام دماء البشر وحرمة قتل النفس هو من المتفق عليه في كل الشرائع والديانات والقوانين البشرية، وأنه من كبائر الذنوب، ويستشهد بقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ } [المائدة 32].
ويختم المقال بتوجيه دعوة للقارئ للتأمل في ما قاله الله ورسوله عن قتل النفس.
*الكاتب:باحث اسلامي ومؤلف نحو 20 كتاباً (موقع اخبار سوريا الوطن الالكتروني-1)