السبت, 19 يوليو 2025 08:03 PM

رويترز: سوريا تعتقد أنها حصلت على ضوء أمريكي وإسرائيلي لنشر قوات في السويداء.. فماذا حدث؟

رويترز: سوريا تعتقد أنها حصلت على ضوء أمريكي وإسرائيلي لنشر قوات في السويداء.. فماذا حدث؟

كشف تقرير مطول لوكالة رويترز، نقلاً عن ثمانية مصادر سورية وأجنبية، أن الحكومة السورية أخطأت في تقدير ردة فعل إسرائيل المحتملة على انتشار قواتها في جنوب البلاد الأسبوع الماضي. وأشار التقرير إلى أن دمشق استندت في ذلك إلى ما اعتبرته تشجيعاً من رسائل أمريكية تدعو إلى إدارة سوريا كدولة مركزية.

وبحسب المصادر، نفذت إسرائيل ضربات استهدفت القوات السورية ودمشق يوم الأربعاء الماضي، في تصعيد فاجأ الحكومة، وذلك بعد اتهام القوات الحكومية بقتل العشرات في مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية. وأوضحت المصادر، التي شملت مسؤولين سياسيين وعسكريين سوريين ودبلوماسيين اثنين ومصادر أمنية إقليمية، أن دمشق اعتقدت أنها حصلت على ضوء أخضر من الولايات المتحدة وإسرائيل لإرسال قواتها إلى الجنوب، رغم التحذيرات الإسرائيلية المستمرة.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الاعتقاد استند إلى تعليقات علنية وفي أحاديث خاصة من المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس بيريك، وكذلك إلى المحادثات الأمنية الوليدة مع إسرائيل. وكان بيريك قد دعا إلى إدارة سوريا بشكل مركزي "كدولة واحدة" دون مناطق حكم ذاتي.

ولم ترد تقارير سابقة عن تصور سوريا للرسائل الأمريكية والإسرائيلية بشأن نشر قواتها في الجنوب. وقد أحجم متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية عن التعليق على المناقشات الدبلوماسية الخاصة، لكنه أكد أن الولايات المتحدة تدعم وحدة الأراضي السورية، وأن الدولة السورية ملزمة بحماية جميع السوريين، بما في ذلك الأقليات، وحث الحكومة السورية على محاسبة مرتكبي أعمال العنف.

وفي رده على أسئلة رويترز، نفى مسؤول كبير في وزارة الخارجية السورية أن تكون تصريحات بيريك قد أثرت على قرار نشر القوات، مؤكداً أن القرار اتخذ بناء على "اعتبارات وطنية بحتة" وبهدف "وقف إراقة الدماء وحماية المدنيين ومنع تصاعد الحرب الأهلية".

وكانت دمشق قد أرسلت قوات ودبابات إلى محافظة السويداء يوم الاثنين لوقف القتال بين قبائل بدوية وفصائل مسلحة داخل الطائفة الدرزية. وذكرت مصادر سورية أن القوات التي دخلت مدينة السويداء تعرضت لإطلاق نار من الجماعات الدرزية المسلحة.

وذكر مصدران، أحدهما مسؤول خليجي كبير، أن أعمال العنف التي تلت ذلك ونُسبت إلى القوات السورية، دفعت إسرائيل إلى شن غارات على قوات الأمن السورية ووزارة الدفاع في دمشق ومحيط القصر الرئاسي. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل تدخلت لمنع القوات السورية من دخول جنوب سوريا، وللحفاظ على التزامها طويل الأمد بحماية الدروز. وتعهد الرئيس السوري أحمد الشرع بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ضد الدروز، وألقى باللوم على "الجماعات الخارجة عن القانون" التي تسعى إلى تأجيج التوترات.

وسرعان ما تدخلت الولايات المتحدة وآخرون لوقف إطلاق النار بحلول مساء الأربعاء. ووصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو التصعيد بأنه "سوء تفاهم" بين إسرائيل وسوريا. وقال مصدر سوري وآخر غربي مطلع على الأمر إن دمشق اعتقدت أن المحادثات مع إسرائيل التي جرت قبل أيام في باكو أسفرت عن تفاهم بشأن نشر قوات في جنوب سوريا لإخضاع السويداء لسيطرة الحكومة.

وقالت إسرائيل أمس الجمعة إنها وافقت على السماح بدخول محدود للقوات السورية إلى السويداء خلال اليومين المقبلين. وبعد فترة وجيزة، قالت سوريا إنها ستنشر قوة مخصصة لإنهاء الاشتباكات الطائفية التي استمرت حتى صباح اليوم السبت. وقال جوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، إنه يبدو أن الشرع تحرك بثقة أكبر من اللازم الأسبوع الماضي، وأن المسؤولين العسكريين في حكومته أخطأوا في تفسير دعم الولايات المتحدة، كما أخطأوا في تفسير موقف إسرائيل من جبل الدروز (في السويداء) من محادثاتهم مع إسرائيل في باكو.

ونقلت رويترز عن مسؤول عسكري سوري قوله إن المراسلات مع الولايات المتحدة جعلت دمشق تعتقد أن بإمكانها نشر قواتها دون أن تواجهها إسرائيل، وأن المسؤولين الأمريكيين لم يعقبوا لدى إبلاغهم بخطط نشر القوات، مما دفع القيادة السورية إلى الاعتقاد بأن هناك موافقة ضمنية على ذلك و"أن إسرائيل لن تتدخل". وقال دبلوماسي مقيم في دمشق إن السلطات السورية كانت "مفرطة في الثقة" في عمليتها للسيطرة على السويداء، "بناء على الرسائل الأمريكية التي اتضح أنها لا تعكس الواقع".

وأشار التقرير إلى أن المبعوث الأمريكي بيريك كان قد قال علنا وفي اجتماعات خاصة في دمشق إن سوريا يجب أن تكون "دولة واحدة"، دون حكم ذاتي لطوائفها الدرزية والكردية والعلوية، وأن انعدام الثقة هذا دفع الدروز وجماعة كردية كبيرة في شمال شرق سوريا إلى مقاومة انتشار الجيش السوري، والمطالبة بدمج مقاتليهم في الجيش كوحدات قائمة بذاتها تتمركز في مناطقهم فقط.

وذكر المسؤول الخليجي الكبير أن دمشق ارتكبت "خطأ كبيرا" في طريقة تعاملها مع السويداء، قائلا إن القوات مارست انتهاكات شملت قتل وإهانة الدروز. وذكر المسؤول الخليجي ومصدر آخر أن طبيعة العنف منحت إسرائيل فرصة لاستخدام القوة. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي مجموعة مراقبة مستقلة، أمس الجمعة إن عدد القتلى جراء أعمال العنف بلغ 321 شخصا على الأقل، من بينهم عاملون في المجال الطبي ونساء وأطفال. وأضافت أن العنف شمل إعدامات ميدانية من جميع الأطراف.

وقال مصدر مخابراتي من المنطقة إن الشرع لم يسيطر على الأحداث على الأرض بسبب عدم وجود جيش منضبط واعتماده بدلا من ذلك على خليط من جماعات مسلحة، أغلبها له خلفية إسلامية متشددة. وقال المسؤول الخليجي الكبير إن هناك "مخاوف حقيقية من أن سوريا تتجه نحو تقسيمها إلى دويلات"، في ظل إراقة المزيد من الدماء وتزايد الشعور بعدم الثقة في حكومة الشرع بين الأقليات.

وأكد المسؤول في وزارة الخارجية السورية أن الهدف من عملية السويداء لم يكن الانتقام أو التصعيد، بل الحفاظ على سلام ووحدة البلاد. وأضاف المسؤول، الذي تحدث قبل إعلان إسرائيل الموافقة على دخول محدود للقوات السورية إلى السويداء، إن القوات السورية مستعدة للتدخل مرة أخرى لإنهاء العنف الطائفي هناك "متى توفرت الظروف المناسبة، بما في ذلك ضمانات واضحة من الولايات المتحدة بعدم تدخل إسرائيل".

وذكرت رويترز في فبراير شباط أن إسرائيل ضغطت في البداية على الولايات المتحدة لإبقاء البلاد ضعيفة وغير مركزية بعد سقوط بشار الأسد. وفي مايو أيار، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الشرع وقال إنه سيلغي جميع العقوبات الأمريكية وحث إسرائيل على التعامل مع دمشق، لكن جزءا كبيرا من المؤسسة السياسية الإسرائيلية لا يزال متشككا في القيادة السورية الجديدة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس إن الولايات المتحدة "لم تدعم" الضربات الإسرائيلية على السويداء الأسبوع الماضي.

وقبل ساعات من القصف الإسرائيلي للعاصمة السورية يوم الأربعاء، وصل مسؤولون تنفيذيون من ثلاث شركات طاقة مقرها الولايات المتحدة إلى دمشق لحضور اجتماعات تستمر لمدة يوم. وكان المسؤولون التنفيذيون في دمشق لعرض مشروع طاقة على وزير المالية السوري عندما وقع القصف الإسرائيلي.

مشاركة المقال: