الأحد, 20 يوليو 2025 04:01 PM

لماذا تجاهل الشرع شكر جنبلاط؟ وما هو الخطر الحقيقي الذي يهدد سوريا؟

لماذا تجاهل الشرع شكر جنبلاط؟ وما هو الخطر الحقيقي الذي يهدد سوريا؟

في خطابه الذي ألقاه صباح يوم 17 تموز/يوليو، توجه الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع بالشكر إلى الوسطاء العرب والأتراك والولايات المتحدة الأميركية، وذلك في سياق تعبيره عن موقفه من الأحداث الدامية في السويداء. وربط هذا الشكر على الأرجح بجهود ردع إسرائيل، التي اتهمها بمحاولة زعزعة استقرار سوريا. هذا الأمر يبدو مفهوماً تماماً، بالنظر إلى مسارعة هذه الدول لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تدهور الأوضاع وانزلاق النظام السوري الجديد إلى مخاطر كبيرة، نتيجة تدخل إقليمي قد يؤدي إلى تقسيم سوريا أو حتى تفكيكها.

إلا أن الكثيرين يرون أنه كان يجدر بالشرع، بل يجب عليه، أن يشكر أيضاً الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. فجنبلاط لم يكتفِ بالاتصالات والجهود التي بذلها على المستوى الدرزي، والمتصلة بالوضع السوري وامتداداته في لبنان، لمنع تفلت الأمور وسيطرة الرأي الدرزي المنفلت، بل ساهم بقوة في منع خروج الأمور عن السيطرة.

من خلال تصديه لزعماء روحيين دروز في السويداء يعبرون علناً عن مخاوفهم القوية بشأن السلطات السورية، نتيجة قلقهم من أن النظام السياسي الجديد سيكون غير مضياف للأقليات الدينية، وبالتالي اعتمادهم على إسرائيل، واعتماده على دعم الزعماء الروحيين الدروز في لبنان، وفي مقدمهم شيخ العقل سامي أبي المنى، يعتبر كثر أنه قاد ولا يزال بحكمة كبيرة وبعد نظر تحدياً مصيرياً للوجود الدرزي ليس في سوريا فحسب بل في لبنان كذلك، على رغم ان هذا التحدي الدرزي الذي برز في السويداء او من خلالها امام جنبلاط وما يمثله في الاتجاهات الدرزية كان سابقاً لهذه الحوادث الاخيرة.

وكان المؤشر الأبرز على ذلك الزيارة الباكرة التي قام بها جنبلاط على رأس وفد درزي كبير للسلطات الجديدة في سوريا، دعماً لها ودافعا في اتجاه استيعابها الدروز وخصوصيتهم ومخاوفهم كذلك. وهو امر لم تنجح السلطات السورية في ملاقاته كلياً بعد في ظل مقاربات امنية وانتهاكات لم تعالج حين وقعت حوادث مماثلة وإن اقل خطورة في نيسان الماضي، عمّقت المخاوف ولا تزال لدى الاقليات السورية التي طمأن الشرع الى معالجتها وحماية الاقليات، انما من دون ترجمة فعلية حتى الامس القريب وبثغرات كبيرة، على غرار غياب رد الفعل التضامني والمتعاطف مثلاً مع الطائفة الارثوذكسية بعد تفجير الكنيسة في دمشق، فيما كان الامر يتطلب زيارة للشرع مثلاً للبطريرك الارثوذكسي على سبيل الادانة وتأكيد الحرص على جميع المكونات السورية.

فالخطر الذي ينبغي للشرع أن يخشاه على قدرته على الإمساك بزمام الأمور في سوريا لا يقتصر على إسرائيل فحسب، ففيما أظهرت الولايات المتحدة قدرتها على لجمها في ظل اعتبارات مماثلة لوقف حرب إسرائيل على إيران مثلاً أو لوقف الضربات الأميركية على الحوثيين، فتراجعت إسرائيل تحت وطأة ضغوط الولايات المتحدة في الدرجة الاولى عن مطلبها السابق امتناع قوات الحكومة السورية الانتقالية عن التدخل في محافظة السويداء، جنوب سوريا، خصوصاً بعدما كان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو صرح ان اسرائيل ستواصل فرض شروطها بسوريا منزوعة السلاح جنوب العاصمة السورية.

بل الواقع أن سوريا بلد متعدد يحتاج إلى خطاب أقوى بكثير وأعمق مما قاله الشرع في خطابه الأخير، ويتطلب مقاربات مختلفة على خلفية الإعلان أن سوريا الجديدة، فيما هي في مرحلة تأسيسية جديدة، ستكون حاضنة على قدم المساواة للجميع وليس على نحو صوري على غرار وزراء من طوائف مختلفة اخترعت لهم وزارات غير اساسية .

الجانب الآخر المهم في مقاربة وليد جنبلاط ملاقاته من الزعماء الروحيين والسياسيين لدى الطائفة السنية تحصيناً للبنان وطوائفه من امتدادات الحريق السوري، فيما سجل البعض ثغرات في مقاربة الدولة بعدم تلقف “الفرصة” المتاحة لاثبات قرارها حماية الجميع ومراعاة هواجسهم، فيما اشعلت التطورات الدرامية السورية إما المخاوف المبررة الى حد كبير إما ايضاً التوظيفات السياسية من البعض. وهي فرصة لا تزال متاحة علماً ان ثمة مأخذ على الدولة بعدم مواجهة بعض المواقف الاستفزازية والتحريضية التي خرجت الى العلن ومن على منبر اعلامي للدولة بمقاربة قانونية واجبة. وهو ما فسّره البعض بحكمة تفادي تحييد الانظار عن محاولة تحصين الداخل، فيما يخشى في الواقع من قراءة لهذا المؤشر ينعكس سلباً على الدولة ككل فيما ان كثيراً من مسؤوليها ابدوا انزعاجهم ومخاوفهم من منحى تحريضي يهدد بتعريض البلد لمخاطر كبيرة .

روزانا بومنصف – النهار اللبنانية

مشاركة المقال: