لم يكد التفاؤل يرتفع بشأن تقدُّم المفاوضات بين حركة «حماس» وإسرائيل، حتى جاءت تصريحات المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، لتقوض الآمال بقرب التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار. على الرغم من الإشارات الواضحة التي وردت خلال اليومين الماضيين، والتي عززها ما تردد عن تقدُّم في بعض النقاط الخلافية، إلا أن الطريق إلى التسوية لا يزال مليئاً بالتحدّيات.
الحدث الأبرز كان تسليم «حماس» ردَّها الرسمي إلى الوسطاء، والذي وصفه مسؤولون إسرائيليون بأنه «أفضل من السابق»، لكنه لم يحمل موافقة كاملة، بل جاء بصيغة «نعم، ولكن»، مع سلسلة من التحفّظات. وفقاً لمراقبين، عكس ردّ «حماس» توازناً بين التنازلات والتمسّك بالمبادئ الجوهرية، بعد جولة ضغوط مارستها الدول الوسيطة (مصر وقطر) التي وصفت الردّ الأول للحركة بـ«غير الجدّي».
دفعت اعتبارات وضغوط داخلية وخارجية إسرائيل إلى تعديل موقفها وتقديم تعديلات على المقترح، خاصة فيما يتعلق بعدد الأسرى الفلسطينيين الذين تعتزم إطلاق سراحهم وهوياتهم، وكذلك جغرافية الانسحاب من القطاع. لكن هذه التعديلات لم تكن كافية من وجهة نظر «حماس»، في ظل استمرار الخلاف حول عمق الانسحاب الإسرائيلي، وآلية توزيع المساعدات الإنسانية، والضمانات الدولية لإنهاء الحرب بشكل نهائي.
وافقت إسرائيل على إطلاق سراح نحو ألف أسير، من بينهم عدد من المحكوم عليهم بالمؤبّدات بتهم تتعلّق بقتل إسرائيليين، وأبدت مرونة في مسألة الانسحاب الجغرافي، لكنها تصرّ على الاحتفاظ بمنطقة عازلة بعمق 1.5 كيلومترات على طول الحدود مع مصر، فيما تطالب «حماس» بألّا تتجاوز المنطقة حدود الـ800 متر فقط.
زيارة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى أوروبا، حيث التقى الوزير الإسرائيلي رون ديرمر، في سردينيا الإيطالية، قبل التوجّه إلى المنطقة، تُعدّ مؤشراً حاسماً، وتُفسّر كإشارة إلى أن التقدُّم في المفاوضات لا يزال جزئيّاً، وأن هناك حاجةً إلى جولة جديدة من التنسيق والضغط بين إسرائيل وأميركا.
في الوقت نفسه، يظهر ما يمكن تسميته بـ«تحالف دولي لفرض اتفاق على حماس»، حيث تخرج تصريحات من أطراف أميركية وإقليمية، وتسريبات من الوسطاء العرب في الدوحة والقاهرة، تنتقد موقف الحركة، وتتّهمها بالمسؤولية عن استمرار معاناة الشعب الفلسطيني، ما يضعها تحت ضغوط متعدّدة الأطراف.
لا يوجد اتفاق نهائي حتى الآن، والوضع الحالي يُظهر اتفاقاً متبلوراً بين إسرائيل والوسطاء، أكثر ممّا هو بين إسرائيل و«حماس» نفسها. السؤال الأهم هو: هل ستقبل الحركة بالصفقة المقترحة، أم أن الخلافات الجوهرية ستقوّض محاولات التسوية؟ تصريحات ويتكوف بسحب الفريق الأميركي من الدوحة بعد «رد حماس الذي يُظهر عدم رغبتها في التوصل إلى اتفاق» تحمل مؤشرات أولية.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار