الأحد, 27 يوليو 2025 08:50 PM

سوزدار جميل: رائدة الأطراف الصناعية تضيء الأمل في الحسكة

سوزدار جميل: رائدة الأطراف الصناعية تضيء الأمل في الحسكة

من قرية معشوق، الواقعة في الريف الغربي لمدينة القامشلي، تبدأ قصة ملهمة لشابة استطاعت أن تحدث تغييراً ملموساً، وأن تمنح أملاً جديداً للكثيرين ممن فقدوا أطرافهم، وذلك في منطقة عانت طويلاً من ويلات الحرب والإهمال.

سوزدار جميل، الأخصائية في مجال الأطراف الصناعية، تبلغ من العمر ثلاثين عاماً، وتعتبر أول امرأة في محافظة الحسكة تتخصص في هذا المجال وتقوم بتأسيس مركز متخصص يحمل اسمها.

بدأت رحلتها بعد تخرجها من المعهد الصحي في عام 2017، حيث انضمت إلى العمل في منظمة فرنسية لمدة أربع سنوات، اكتسبت خلالها خبرة عملية واسعة.

تصف سوزدار شغفها بهذا المجال قائلة: "منذ أن عرفت أنني الوحيدة من محافظة الحسكة التي تدرس هذا التخصص، أدركت أنني أفتح مجالاً جديداً ومختلفاً، وأنني سأترك بصمة مميزة في المنطقة".

لم يكن افتتاح المركز أمراً سهلاً، فالوضع الأمني في سوريا، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية، كانت من بين العوامل التي أخرت انطلاق المشروع. إلا أنها لم تستسلم، واستمرت في العمل والتخطيط بصبر حتى تمكنت، قبل حوالي شهر، من افتتاح مركزها الخاص في مدينة القامشلي، تحت اسم "مركز سوز للأطراف الصناعية والأجهزة التقويمية".

في حديثها لـ"سوريا 24"، أوضحت سوزدار أن العمل في هذا المجال يتجاوز الجانب التقني والصناعي، ليصل إلى عمق إنساني كبير. وتتحدث عن ليالٍ طويلة قضتها تفكر في حلول لحالات معقدة، مؤكدة أن رؤية الفرحة في عيون المريض عندما يستعيد جزءاً من جسده، هي اللحظة التي تمنحها السعادة والراحة.

تشعر سوزدار بأن المرضى يرون فيها الأمل، وهي تسعى جاهدة ألا تخذلهم، بل تعتبر نفسها جزءاً لا يتجزأ من عملية استعادة حياتهم.

على الرغم من ارتفاع تكاليف المواد، التي يتم استيرادها بالكامل من الخارج، مثل السليكونات والأصابع التجميلية والمفاصل الصناعية، تحرص سوزدار على تقديم خدماتها بأسعار مناسبة تراعي الظروف المعيشية الصعبة لسكان الحسكة. وتؤكد أن الهدف الأساسي من المركز هو تخفيف معاناة المرضى وتوفير بدائل محلية تغنيهم عن السفر إلى محافظات أخرى أو خارج البلاد، وما يترتب على ذلك من أعباء مالية ونفسية.

في الوقت نفسه، اعتمدت سوزدار على تصنيع بعض المعدات البسيطة داخل سوريا، مثل الأفران المستخدمة لتليين المواد وأجهزة الحف، في محاولة لتقليل النفقات وتجاوز صعوبات الاستيراد.

وتؤكد سوزدار أن دعم عائلتها، وخاصة والدها وزوجها، كان له دور كبير في نجاحها، حيث وقفوا إلى جانبها وشجعوها على المضي قدماً في هذا الطريق، على الرغم من النظرة التقليدية لدور المرأة في بعض المجتمعات الريفية.

تعمل سوزدار حالياً أيضاً ضمن مشروع تابع للكنيسة في مدينة القامشلي، وتقدم خدماتها للمرضى دون تمييز، بدافع رغبتها الصادقة في مساعدة الآخرين ورد الجميل للمجتمع. وتوجه رسالة إلى طلاب الشهادة الثانوية، تحثهم فيها على التوجه نحو هذا المجال الإنساني النبيل، الذي يمنحهم فرصة حقيقية لصناعة الأمل وتغيير حياة الآخرين.

مشاركة المقال: