يشهد الاقتصاد السوري تحولات جمة وتحديات جسيمة، تفاقمت بفعل سنوات الحرب والحصار الاقتصادي الذي أثر على جميع مكونات المجتمع. هذا الواقع يفرض رؤى مستقبلية تستدعي استراتيجيات عمل تعتمد على الاستفادة من التجارب، مع مراجعة شاملة لمراحل تطور الاقتصاد السوري لتكوين رؤية واضحة للمستقبل.
إن الدعوة إلى الانفتاح الاقتصادي يجب أن تكون مدروسة، تهدف إلى تأمين المصلحة الوطنية العليا، وزيادة الاستثمارات، وتوسيع الفرص الاقتصادية، وتحقيق قيمة مضافة يستفيد منها الجميع.
الخبير الاقتصادي "شادي أحمد" يرى أن الانفتاح على العالم الخارجي يعتبر تطوراً هاماً بعد سنوات من العزلة، ولكنه يواجه تحديات كبيرة كالعقوبات الغربية وضعف البنية الاقتصادية ومحدودية الإمكانات. الانفتاح يوفر فرصاً لتعزيز التجارة وجذب الاستثمارات ونقل المعرفة، لكن القدرة على الاستفادة منه محدودة بسبب مشكلات داخلية وسياسات سابقة اتسمت بالتردد في الإصلاح وغياب رؤية استراتيجية واضحة.
المطلوب اليوم هو الاستعداد لهذا الانفتاح بإصلاح تدريجي وعقلاني وتحديث البنية المؤسسية لاستيعاب الفرص.
يبقى السؤال: كيف نستفيد من الانفتاح لتطوير العمل المصرفي؟ "الخبير أحمد" يعتبر القطاع المصرفي مفتاحاً لأي انفتاح اقتصادي ناجح، لكنه يعاني من ترهل إداري وقيود تنظيمية وتأخر في استخدام الأدوات الحديثة. لتحقيق الاستفادة، يجب إعادة النظر في طريقة عمل المصارف، وتحديث القوانين، وتدريب الكوادر، وإدخال أنظمة الدفع الإلكتروني، وتحسين ثقة المواطنين بالقطاع المصرفي، والاستفادة من التعاون مع مؤسسات مالية دولية لنقل الخبرة والمعايير الحديثة.
في ظل الصعوبات والضغوطات، هل تستطيع المؤسسات المالية السورية مواكبة التوجه نحو اقتصاد السوق الحر؟ يرى "أحمد" أن المؤسسات المالية تسير بخطى بطيئة نحو اقتصاد السوق، وهناك تفاوت كبير بين ما يتطلبه هذا النموذج من مرونة وشفافية وكفاءة، وبين الواقع الفعلي للمصارف والمؤسسات المالية المحلية. مع ذلك، يمكن تحقيق التأقلم من خلال خطة تدريجية للإصلاح تبدأ بإعادة هيكلة العمل المصرفي وتعزيز الاستقلالية وتحسين البيئة القانونية.
الانفتاح قد يحمل فرصاً للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية، والبنك الدولي لا يقدم تمويلاً فقط، بل يوفر أيضاً دعماً فنياً في مجالات مثل التعليم والصحة والبنية التحتية وتمكين المؤسسات. لكن الاستفادة مشروطة بوجود بيئة شفافة وقادرة على تنفيذ المشاريع وفق المعايير الدولية، وتحديد الأولويات بوضوح، وإرادة حقيقية لتطبيق إصلاحات اقتصادية شاملة.
الانفتاح التجاري وفتح الحدود أدى إلى تنوع في مصادر السلع، لكنه أوجد حالة من الفوضى في الأسواق. الرقابة الحالية تعتمد أساليب تقليدية ولا تواكب حجم وتعقيد الحركة التجارية الجديدة. من الضروري تطوير أدوات الرقابة باستخدام تقنيات حديثة في التتبع وتحليل البيانات، وتفعيل دور المستهلك في الإبلاغ والمراقبة، وتوحيد الجهود بين الجهات الرقابية المختلفة.
المصدر: اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية