عقدت رابطة الصحفيين السوريين ومركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن، يوم الثلاثاء 29 تموز، جلسة حوارية في دمشق تحت عنوان "الإعلام السوري من القمع إلى الانفتاح"، وذلك بالتعاون مع مركز "جسور للدراسات".
تناولت الجلسة الحوارية، التي حضرتها عنب بلدي، واقع الإعلام السوري والتغيرات التي شهدها بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول عام 2024، بالإضافة إلى التحديات المهنية التي تواجه الصحفي السوري أثناء تغطيته للأخبار، وأهمية وجود تشريعات تحمي العمل الصحفي وتصون حرية التعبير عن الرأي.
أوضحت الصحفية لمى راجح، مديرة الجلسة الحوارية، لعنب بلدي أن الهدف من الجلسة هو تقييم احتياجات الصحفيين في المرحلة الراهنة، وتقييم الخطاب الإعلامي، حيث جرت مناقشة ذلك مع صحفيين يمثلون مؤسسات إعلامية متعددة، رسمية وخاصة ومستقلة.
وأشارت راجح إلى حاجة الصحفيين لبنية قانونية تشريعية جديدة، وحماية حرية التعبير والرأي للصحفي، بالإضافة إلى نقل صورة واقعية عن الإعلام السوري للصحفيين الأردنيين المعنيين بضمان وحماية الحريات الصحفية.
كما ناقشت الجلسة التحديات التي تواجه عمل الصحفي، حيث لم تعد هناك تحديات أمنية بالمعنى الذي كان سائداً في عهد النظام السابق، وما مارسه من تهديدات وملاحقات واعتقالات، والخوف الذي عاشه بعض الصحفيين السوريين "الذين قدموا أرواحهم دفاعًا عن الثورة"، بحسب راجح.
وترى راجح أن المخاوف لا تزال قائمة لدى الصحفيين من التعبير عن الرأي بحرية، إضافة إلى أن خطاب الكراهية المنتشر على منصات التواصل الاجتماعي يمثل تحديًا للجميع، وليس فقط للصحفيين، مما دفع الكثيرين منهم إلى الانسحاب من مساحات التعبير عن الرأي. وتشدد على ضرورة وجود مساحة تضمن حرية التعبير دون تعرض الصحفي للهجوم أو التنمر أو الإقصاء، ووجود قانون ناظم للجرائم الإلكترونية يتم ضبطه بحيث لا يكون أداة للمحاسبة ضد الصحفيين كما كان في عهد النظام السابق.
تحديات ومخرجات
أفاد مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن، نضال منصور، لعنب بلدي، بأن زيارته إلى سوريا هي زيارة استباقية واستكشافية، تهدف إلى بناء تصور واقعي وتحديد احتياجات الصحفيين والصحفيات ومؤسسات المجتمع المدني في سوريا.
وأشار منصور إلى أهمية التحول الديمقراطي الهادئ، وأن تعبر المرحلة الانتقالية في سوريا بثبات، مؤكدًا دعم المركز لحرية التعبير والإعلام.
ووفقًا لمنصور، تناولت الجلسة الحوارية أبرز التحديات والمخرجات الأساسية التي يجب العمل عليها، وتتمثل في:
- تحديات مرتبطة بتطوير الحالة المهنية.
- تطوير البيئة التكنولوجية للعمل الصحفي.
- إيجاد تنظيمات نقابية ديمقراطية تساعد الصحفيين والصحفيات.
- إيجاد مراكز مساعدة قانونية للصحفيين والصحفيات.
- التأكيد على حق الصحفي بالوصول إلى المعلومات.
- بناء منظومة تشريعية تساعد الصحفيين والصحفيات للوصول إلى المعلومات، وتدفق المعلومات بشكل سلس واستباقي.
- أن تكون القوانين حامية لحق الصحفيين في العمل الحر والمستقل، وتمنع أي انتهاكات ضدهم.
وفيما يتعلق بتقييم هامش الحريات في سوريا بعد سقوط النظام السابق، يرى منصور أن الوضع بعد 8 كانون الأول يختلف عما قبله، مؤكدًا أن مساحة حرية التعبير قد توسعت لدى الصحفيين.
يذكر أن مركز حماية وحرية الصحفيين هو إحدى مؤسسات المجتمع المدني، تأسس في الأردن عام 1998 ويعمل في العالم العربي، ويتمتع بالصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي الاجتماعي في الأمم المتحدة، ومسجل كفرع لمؤسسة أجنبية في تونس.
دور رقابي للإعلام
أكد المدير التنفيذي لمركز "جسور للدراسات"، وائل علوان، لعنب بلدي، أن الإعلام السوري والمجتمع المدني أمام "فرصة عظيمة" في سوريا لخلق دوره الأساسي.
وشدد على أن هذا الدور يجب أن يرتبط بهامش وسقف من الحريات، لتمكين المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية من القيام بدورها واستخدام الأدوات اللازمة، لذا يجب على المجتمع المدني والإعلام السوري المشاركة في إعادة بناء سوريا الجديدة.
ويرى علوان أن الصحفي السوري يواجه تحدي الصورة النمطية للعلاقة بين السلطة والمجتمع، وأن هذه الصورة يجب أن تتغير لبناء صورة جديدة يكون فيها المجتمع المدني جزءًا من بناء الدولة واستمراريتها بالشكل المقبول.
وفيما يتعلق بأهم القوانين التي يجب أن تتضمنها التشريعات الإعلامية لحماية الصحفيين، أشار علوان إلى أن الإعلان الدستوري أعطى رسالة مطمئنة تضمن حرية التعبير، والتي يجب أن تكون ثابتة في الدستور.
ونوه علوان إلى أن سوريا اليوم بصدد تشكيل مجلس شعب جديد، لذا يجب أن تمارس السلطة التشريعية دور الرقابة الحقيقية على السلطة التنفيذية، كما يجب أن يمارس المجتمع المدني، وتحديدًا الإعلام، دورًا رقابيًا على السلطتين التشريعية والتنفيذية.