الإثنين, 4 أغسطس 2025 10:14 PM

أزمة في العلاقات الإماراتية الإسرائيلية: طرد السفير الإسرائيلي يثير تساؤلات حول التطبيع

أزمة في العلاقات الإماراتية الإسرائيلية: طرد السفير الإسرائيلي يثير تساؤلات حول التطبيع

بقلم: د. حامد أبو العز

شهدت العلاقات الإماراتية الإسرائيلية تطوراً ملحوظاً بقرار إماراتي غير مسبوق بطرد السفير الإسرائيلي من أبوظبي. يأتي هذا القرار بعد جدل داخلي حول تصرفات السفير الإسرائيلي، يوسي شيلي، التي وُصفت بأنها غير لائقة وتخالف الأعراف الدبلوماسية. وفقاً للقناة الإسرائيلية الثانية عشرة، ستتم استقالة السفير قريباً، لكن خلفيات القرار تكشف عن خطورة التطبيع مع كيان لا يعترف بالحدود الأخلاقية والعادات والتقاليد.

تشير التسريبات إلى أن استياء القيادة الإماراتية تراكم نتيجة سلوكيات السفير في أبوظبي. أفادت تقارير أمنية إماراتية بأن السفير شوهد في حانات فاخرة في حالة سكر شديد، محاطاً بنساء إسرائيليات. اعتبرت السلطات الإماراتية هذه المشاهد خرقاً للمعايير الدبلوماسية، خاصة في بلد يحرص على الانضباط والاحترام.

الإمارات، التي أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل ضمن "اتفاقيات إبراهيم"، واجهت مشكلات ثقافية وأمنية وزعزعة للاستقرار. سلوك السفير غير مقبول أخلاقياً وأمنياً وسياسياً، ويثير تساؤلات حول احترام الطرف الآخر للأسس الدبلوماسية.

وصل الأمر إلى تواصل مباشر بين القيادة الإماراتية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. بعث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان برسالة إلى نتنياهو يحتج فيها على سلوك السفير، مؤكداً أن الصبر على التجاوزات له حدود.

تفتح الحادثة نقاشاً حول نتائج اتفاقية التطبيع بين الإمارات والكيان الصهيوني. رُوِّج لاتفاقيات إبراهيم كبداية لعهد من التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والسياسي، لكن التجربة الإماراتية أظهرت أن الانفتاح على الكيان الصهيوني له أثمان باهظة سياسياً وأمنياً واجتماعياً.

الحادثة الأخيرة حلقة في سلسلة إشكالات منذ بدء التطبيع، مع أخبار عن سلوكيات غير منضبطة من أفراد مرتبطين بالكيان، واستياء شعبي من نتائج الانخراط الدبلوماسي. كان المتوقع أن تفتح العلاقات آفاقاً للاستثمار ونقل التكنولوجيا، لكن التطبيع منح الكيان الصهيوني نافذة للتغلغل في الاقتصاد والأمن، مما يهدد الاستقلالية والسيادة.

الكيان الصهيوني لم يُعرف عنه احترام شركائه أو التزامه بالاتفاقيات. انعكس ذلك في تعامله مع الإمارات، حيث تتقدم المصلحة الإسرائيلية على أي اعتبار آخر. حادثة السفير عرض لمشكلة أعمق، وهي التباين في القيم والممارسات.

ما حدث في أبوظبي يقدم نموذجاً للدول العربية والإسلامية، يؤكد أن الانفتاح على الكيان الصهيوني له تبعات سلبية. التطبيع قد يتحول إلى عبء سياسي وأمني وأخلاقي، كما حدث في الإمارات، ويصبح مصدراً للتوتر وإحراج للدولة المضيفة.

يجب قراءة هذا الدرس بعناية في العواصم العربية المترددة أو المتفائلة بالتطبيع. تجربة الإمارات أثبتت أن بناء علاقات رسمية مع الكيان، في ظل استمرار احتلاله للأراضي الفلسطينية ورفضه الالتزام بالقرارات الدولية، هو رهان محفوف بالمخاطر. الكيان الذي لا يحترم القوانين الدولية، من غير المرجح أن يحترم القيم والأعراف الدبلوماسية.

قرار طرد السفير يؤكد أن الحفاظ على السيادة والكرامة الوطنية أولوية تتقدم على أي اتفاقيات أو مصالح اقتصادية. قد يشكل هذا الموقف منعطفاً في العلاقة بين الطرفين، ويدفع الإمارات إلى إعادة تقييم شاملة لمخرجات التطبيع.

في النهاية، ما حدث ليس مجرد أزمة دبلوماسية عابرة، بل هو مؤشر على هشاشة الأساس الذي بُنيت عليه العلاقات بين الإمارات والكيان الصهيوني. ويضع أمام الدول العربية والإسلامية مثالاً حيّاً على أن التطبيع قد لا يجلب سوى المشاكل، وأن رفضه قد يكون الموقف الأكثر حكمة وصوناً للسيادة والكرامة الوطنية.

باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

مشاركة المقال: