الإثنين, 4 أغسطس 2025 03:02 PM

تفشي الكوليرا في ريف دير الزور الغربي: مستشفى الكسرة يعزل أكثر من 30 حالة مشتبه بها وسط نقص في الإمكانيات

تفشي الكوليرا في ريف دير الزور الغربي: مستشفى الكسرة يعزل أكثر من 30 حالة مشتبه بها وسط نقص في الإمكانيات

دير الزور – عبادة الشيخ: يشهد ريف دير الزور الغربي ارتفاعًا ملحوظًا في حالات الإسهال المائي، مع تزايد حالات الكوليرا المشتبه بها منذ منتصف آذار الماضي، وقد تفاقم الوضع بشكل خاص في نهاية أيار وبداية حزيران الماضيين.

نتيجة لذلك، قام مستشفى "الكسرة" العام بتخصيص قسم لعزل وعلاج المرضى، وذلك بدعم وتوجيه من منظمة "IMC" الدولية. يضم القسم المخصص للعزل أكثر من 30 مريضًا، ويركز الكادر الطبي على تقديم الرعاية الأولية، والتي تشمل تقييم الجفاف والتغذية ووجود الحمى، مع مراقبة مستمرة للمرضى. وفي حال عدم التحسن، تُحال الحالات التي تتطلب رعاية متقدمة إلى مراكز طبية أكبر في الرقة أو دير الزور شمال وشرقي سوريا.

أكثر من 30 حالة

استقبل مستشفى "الكسرة" العام أكثر من 30 حالة من بلدات الزغير وحمار الكسرة وحمار العلي، بالإضافة إلى بلدة الكسرة بشكل أساسي، والهرموشية، منذ مطلع الأسبوع الماضي، وفقًا للكادر الطبي في المشفى. ويتعامل الأطباء مع حالات الإسهال المائي على أنها اشتباه بالكوليرا، وقد أُخطرت المنظمات المعنية ومنظمة الصحة العالمية بهذا الشأن. وعلى الرغم من ظهور نتائج إيجابية في بعض المسحات تؤكد الإصابة، يواجه المستشفى تحديًا كبيرًا بسبب نقص "كيتات" فحص البراز اللازمة لتأكيد التشخيص بشكل قاطع، مما يجعل الاعتماد على الأعراض والمسحات الأولية ضروريًا.

أعباء اقتصادية وتحديات مجتمعية

أشار الصيدلاني خضر الدهوش، في حديث إلى عنب بلدي حول الوضع الصحي في المنطقة، إلى ارتفاع أسعار الأدوية ونقص بعض الأنواع، مما يدفعهم لتقديم العلاج الإسعافي وتحويل الحالات التي تتطلب علاجًا خاصًا إلى المستوصفات والمستشفيات المدعومة التي توفر الدواء مجانًا. وتلقي هذه الظروف بظلالها على الأهالي، الذين يواجهون صعوبة في تحمل تكاليف العلاج المرتفعة.

إبراهيم الجميل، أحد المرضى، عبر عن هذا التحدي قائلًا: "أنا مريض، ولا أستطيع تحمل تكاليف العلاج الباهظة في الصيدليات الخاصة"، معربًا عن أمله في توفير الأدوية الأساسية مجانًا بشكل أكبر، ومؤكدًا أن "المرض لا ينتظر".

يؤكد الكادر الطبي في مستشفى "الكسرة" على ضرورة تعزيز الوعي الصحي وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في هذه المناطق للحد من انتشار المرض، خاصة مع استمرار تلوث مياه الشرب.

ما الكوليرا؟

أوضح الطبيب أكرم خولاني، اختصاصي طب الأسرة وعضو "الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة" (AAFP)، لعنب بلدي في تقرير سابق، أن الكوليرا هي عدوى جرثومية تصيب الأمعاء الدقيقة نتيجة ابتلاع كمية كبيرة من الجراثيم. وأضاف أن بعض الجراثيم تُقتل بواسطة أحماض المعدة، بينما يستقر بعضها في الأمعاء ويتكاثر، منتجًا سمومًا تؤدي إلى طرح كميات كبيرة من الماء والأملاح، مما يسبب إسهالًا مائيًا شديدًا.

وأشار إلى أن العدوى تنتقل عبر تناول أطعمة مكشوفة أو مشروبات ملوثة أو مياه غير صالحة للاستخدام، خاصة عند تسرب مياه الصرف الصحي إلى شبكات الشرب أو تلوث الخزانات. وتظهر حوالي 20% من الحالات المصابة أعراضًا شديدة مثل الإقياء والإسهال، مما قد يؤدي إلى جفاف حاد يسبب الوفاة في نصف الحالات إذا لم يُعالج، بينما تنخفض الوفيات إلى أقل من 1% مع العلاج المناسب.

واقع طبي متردٍّ

يشهد القطاع الطبي في ريف دير الزور، بالقسم الخاضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، نقصًا حادًا في جميع المستلزمات والخدمات. وبحسب مصادر من المنطقة، تفتقر المستشفيات والمراكز الطبية هناك إلى الأجهزة الطبية الأساسية، مما يعوق قدرتها على تشخيص وعلاج الأمراض بفعالية. كما يوجد فقدان شبه كلي للعديد من الأدوية الضرورية، مما يضع حياة المرضى على المحك ويجعل حتى أبسط العلاجات غير متوفرة.

الأزمة لا تتوقف عند حدود المعدات والأدوية، بل تمتد لتشمل نقصًا حادًا في الكوادر الطبية المتخصصة، حيث يعاني الريف من شح في الأطباء والممرضين والفنيين.

مشاركة المقال: