الإثنين, 4 أغسطس 2025 08:17 PM

قانون الضرائب الجديد في سوريا: إصلاحات طموحة تواجه تحديات اقتصادية

قانون الضرائب الجديد في سوريا: إصلاحات طموحة تواجه تحديات اقتصادية

أعلنت الحكومة السورية مؤخرًا عن مسودة قانون ضريبي جديد يهدف إلى تحديث النظام الضريبي وتحقيق قدر أكبر من العدالة والكفاءة في تحصيل الإيرادات العامة. سلط الدكتور والخبير الاقتصادي حيان البرازي الضوء في حديثه لـ "الوطن" على الجوانب الإيجابية والسلبية المحتملة لهذا القانون، مع الأخذ في الاعتبار الواقع الاقتصادي الحالي في سوريا.

وفيما يتعلق بالجوانب الإيجابية للقانون الضريبي الجديد، أوضح البرازي أن رفع الحد المعفى من الضريبة إلى 12 ألف دولار سنويًا يعتبر خطوة مهمة نحو حماية أصحاب الدخل المحدود من الأعباء الضريبية، كما يعزز القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين.

وأضاف أن القانون الجديد يشجع القطاعات الإنتاجية من خلال الإعفاء الكامل للقطاع الزراعي وتخفيض الضريبة إلى عشرة بالمئة في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والصناعة، مما قد يحفز الاستثمار المحلي والأجنبي في هذه المجالات. كما أن اعتماد ضريبة تصاعدية يعتبر من الأسس العادلة في النظم الضريبية الحديثة، حيث يساهم الأغنياء بنسبة أعلى من دخلهم، مما يحقق نوعًا من التوازن الاجتماعي ويحد من الفجوة بين الطبقات.

ويرى البرازي أن التوجه نحو تبسيط الإجراءات وربط النظام الضريبي إلكترونيًا يمكن أن يسهم في تقليل الفساد وتحسين كفاءة التحصيل، كما أنه يعزز من شفافية التعاملات المالية ويحد من التدخل البشري المباشر. ومن المتوقع أن يؤدي هذا النظام إلى زيادة معدلات الالتزام الطوعي بدفع الضرائب، نظرًا لوضوحه وبساطته ومراعاته لظروف الشرائح الضعيفة.

أما عن التحديات والسلبيات المحتملة، فأفاد البرازي بأنه على الرغم من الجوانب الإيجابية، يواجه القانون الجديد عدة تحديات قد تعيق تنفيذه بالشكل المأمول. أولها أن توقيت إصدار هذا القانون يأتي في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، حيث يعاني المواطن تضخمًا مفرطًا وضعفًا في الدخل وتراجعًا في الخدمات الأساسية، مما قد يجعل تطبيق أي نظام ضريبي جديد عبئًا إضافيًا.

وأشار إلى أن البنية التحتية التكنولوجية في سوريا لا تزال غير مهيأة بالكامل لتطبيق نظام إلكتروني موحد، وقد يؤدي ذلك إلى خلل في التطبيق وتفاوت في العدالة بين المحافظات والمناطق. كما أن التهرب الضريبي لا يزال يشكل معضلة حقيقية في سوريا، ومع غياب الرقابة المستقلة، قد يتمكن بعض المكلفين من الالتفاف على القانون، مما يزيد الضغط على الفئات الملتزمة أصلًا.

وأوضح أن القانون لم يقدم معالجة شاملة لمسألة الاقتصاد غير المنظم، وهو ما يشكل فجوة كبيرة، إذ إن نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي في سوريا يتم خارج الإطار الرسمي، ما يفرغ القانون من كثير من فعاليته. والأهم من ذلك أن هناك أزمة ثقة عميقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ومن دون تعزيز هذه الثقة وضمان أن العائدات الضريبية ستستخدم في تحسين الخدمات العامة، فإن الكثيرين قد يرون في هذا القانون وسيلة لتحصيل الأموال من دون مقابل عادل.

وخلص البرازي بالقول إن القانون الضريبي الجديد في سوريا يتضمن مؤشرات واضحة على نية إصلاحية، ويضع أساسًا يمكن البناء عليه نحو نظام ضريبي عادل وعصري. ومع ذلك، فإن نجاح هذا القانون مشروط بتهيئة الظروف المناسبة لتطبيقه، من خلال تحسين الدخل وتعزيز الثقة وتطوير البنية التحتية وتوسيع قاعدة المكلفين لتشمل الاقتصاد غير الرسمي. فمن دون هذه الخطوات، قد تبقى نيات الإصلاح حبيسة الورق، وتبقى الأزمة الضريبية قائمة كما كانت.

هناء غانم

مشاركة المقال: