يمثل توقيع اتفاقيات لمشاريع استراتيجية في سوريا مع عدد من الشركات الدولية نقطة تحول في مسار إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي. ويكمن مفتاح النجاح الحقيقي في ضمان تنفيذ هذه الاتفاقيات ضمن المهل الزمنية المحددة، مما يحقق تطلعات المواطنين في حياة أفضل ومستقبل أكثر استقراراً اجتماعياً واقتصادياً.
ترى الدكتورة مريم عبد الحليم، عضو الهيئة التدريسية في كلية الاقتصاد وأستاذة المحاسبة والتدقيق في جامعة اللاذقية، أن الاتفاقات الاستثمارية الأخيرة التي تم توقيعها في سوريا تمثل خطوة جادة نحو إعادة رسم الخريطة الاقتصادية للبلاد، وتُعد محفزاً للنمو. وأشارت إلى وجود حركة استثمارية داخلية تُعيد توزيع الثروات بشكل أكثر عدالة عبر توفير فرص العمل في المناطق الأقل نمواً.
وفي تصريح لصحيفة "الحرية"، أوضحت الدكتورة مريم أن للاستثمارات الجديدة دوراً كبيراً في تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو البيئية أو التكنولوجية. وأضافت أن ذلك يؤدي إلى دعم الاقتصاد وتوفير فرص عمل، وبالتالي تخطي مشكلة البطالة، بالإضافة إلى تجاوز مشكلة عجز ميزانية المدفوعات وحل المشكلات المتعلقة بضعف معدلات الادخار والاستثمار المحلي. كما أكدت أنها تربط الأسواق السورية بالأسواق العالمية، وتعزز النمو الاقتصادي، وتساهم في تنمية البنية التحتية، مما يشكل دعماً للاقتصاد الوطني، وتستقطب الخبرات الأجنبية التي تعمل إلى جانب الخبرات الوطنية، حيث يتم إقامة دورات تدريبية للكوادر الداخلية وتبادل الخبرات بين الدول، مما يؤدي إلى تنشيط وانفتاح السوق.
وأكدت د. عبد الحليم أن هذه الاتفاقات ليست مجرد مشاريع بنى تحتية، بل أدوات تنموية متكاملة تعكس إرادة الدولة في تحفيز الاقتصاد الوطني واستقطاب الاستثمارات ذات القيمة المضافة، ولا تقتصر أهمية هذه المشاريع على بعدها الخدمي والاجتماعي فقط.
وبينت أن المشاريع السكنية ليست فقط استجابة لحاجة المواطنين الأساسية في السكن، بل أيضاً محرك تنموي فعّال لتشغيل اليد العاملة. كما أن توفير السكن اللائق للمواطنين هو عنصر أساسي في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ما يجعلها رافعة أساسية لتشغيل آلاف العاملين في مختلف المهن المرتبطة بالبناء والتشييد والخدمات اللوجستية، كما أنها تنشط حركة الأسواق المرتبطة به مثل الصناعات الإسمنتية، النجارة، النقل وغيرها، وهو ما يخلق بيئة اقتصادية ديناميكية تعزز الإنتاج المحلي وتقلل من نسب البطالة.
ولفتت الأستاذة الجامعية إلى أن المشروع السياحي (مرسى شمس)، الخاص بمدينة اللاذقية يحمل أبعاداً استراتيجية، ليس فقط على صعيد إنعاش السياحة الساحلية، بل في تحريك قطاعات اقتصادية عديدة مرتبطة بها، مثل النقل، والخدمات، والضيافة والمشاريع الصغيرة. وأضافت أن تنشيط السياحة يؤثر إيجاباً على الحركة الاقتصادية ويحسن قيمة الليرة السورية نتيجة ضخ السياح العملة وتنشيط الإنتاج الوطني، كما سينعكس تنشيط السياحة على جميع النواحي الاقتصادية سواء البيع والشراء للمواد الاستهلاكية وكذلك حركة النقل وحتى السكن، وقد يكون هذا المشروع باكورة لمشاريع مستقبلية يمكن أن تستقطب المستثمرين من دول الخليج أو من دول أخرى، ومشروع (مرسى شمس) فرصة رائدة لجعل المدينة مركزاً سياحياً نشطاً.
واختتمت حديثها بالتأكيد على أهمية المتابعة الدقيقة والتنفيذ الشفاف لهذه المشاريع.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية