في عام 2018، وفي خضم التوترات المتصاعدة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والنظام السوري في مدينة عفرين، جرت صفقة سرية أقدمت بموجبها قسد على تسليم ما يزيد عن 600 معتقل لقوات النظام. شمل هؤلاء المعتقلون مدنيين ونشطاء سياسيين، وقد وجهت إليهم تهم ملفقة تتعلق بالانتماء إلى تنظيمات داعش وجبهة النصرة.
وقد أتت هذه الصفقة على خلفية استهداف الطيران التركي في 14 آذار/مارس 2018 لرتل عسكري تابع للنظام السوري، كان متجهاً إلى عفرين بهدف دعم قسد. أسفر هذا الهجوم عن مقتل عدد من مقاتلي الجيش الشعبي التابع للنظام. أثر هذا الحادث بشكل سلبي على الثقة المتبادلة بين الطرفين، خصوصاً مع انسحاب قسد من عفرين في 15 آذار، حيث قامت قوات النظام بإغلاق الطرق أمام أرتال قسد، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى التفاوض وتقديم المعتقلين كضمانة لاستعادة الثقة.
وفقاً لشهادات المعتقلين الناجين، ومن بينهم الناشطان الإعلاميان إبراهيم المحمد وأحمد مدلج، فقد تم اعتقالهم من قبل قسد بتهم ذات طابع سياسي أو تتعلق بنشاطهم المدني، ليتم بعدها تسليمهم إلى النظام تحت ادعاءات انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية. وخلال فترة الاعتقال، تعرض هؤلاء المعتقلون للتعذيب وإعادة محاكمات غير عادلة داخل سجون النظام، في ظل غياب أي ضمانات قانونية أو حقوقية.
تشير المعلومات المتوفرة إلى أن قسد قامت بتوزيع المعتقلين على مختلف سجون النظام، حيث صدرت بحق بعضهم أحكام بالسجن تصل إلى عشر سنوات، بينما لا يزال مصير الغالبية مجهولاً حتى يومنا هذا. تجدر الإشارة إلى أن هذه العملية تعتبر مخالفة للاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها معاهدة مناهضة التعذيب، التي تحظر تسليم أي شخص يواجه خطر التعرض للتعذيب أو المحاكمات غير العادلة.
خليفة الخضر - الوحدة السورية للاستقصاء درج