الأحد, 10 أغسطس 2025 02:12 AM

مؤتمر "المكونات" في الحسكة: واجهة انفصالية تقوض الحوار الوطني السوري

مؤتمر "المكونات" في الحسكة: واجهة انفصالية تقوض الحوار الوطني السوري

كشف انعقاد ما يسمى "مؤتمر المكوّنات" في الحسكة، برعاية من "قسد"، عن عمق الارتباط بأجندات خارجية وسعي الأخيرة لتصوير نفسها كحاضنة لمكونات الشعب السوري. إلا أن الحقيقة تشير إلى أن المؤتمر ليس إلا واجهة سياسية لمشروع انفصالي يهدد وحدة سوريا أرضاً وشعباً.

قوبل المؤتمر برفض شعبي واسع، تجسد في الغياب شبه الكامل للعشائر العربية الكبرى والأحزاب الكردية المستقلة، التي أكدت تمسكها بالحل السوري–السوري تحت مظلة الدولة ورفضها لأي منصة تُدار تحت سيطرة خارجية. وأشار مراقبون إلى أن العديد من المشاركين في المؤتمر تربطهم علاقات مباشرة بجماعات متطرفة في جبال قنديل، أو ناشطون معروفون بصلاتهم مع منظمات إسرائيلية تتبنى مشاريع تقسيمية، مؤكدين أن الهدف الحقيقي هو تدويل القضية السورية وإضعاف الدولة.

أوضح المراقبون أن الرفض الشعبي المنظم وغياب المكونات الأساسية عن المؤتمر وجه ضربة قوية لمحاولات "قسد" تقديمه كمنصة تمثيلية شرعية. كما أن كشف الارتباطات الخارجية للمشاركين أفقد المؤتمر مصداقيته إعلامياً، وأصبح واضحاً للرأي العام أنه مجرد ورقة سياسية فاشلة. وأكد الشيخ عبد العزيز الخليف، أحد وجهاء عشائر الجبور، في تصريح صحفي أن "من حضروا هذا المؤتمر لا يمثلون إلا أنفسهم وأسيادهم في قنديل وتل أبيب، فهؤلاء باعوا انتماءهم الوطني مقابل حفنة دولارات ومناصب زائفة".

اللافت أن الشعارات المرفوعة حول "التعددية" و"اللامركزية" لم تكن سوى ستار لإخفاء حقيقة المشروع وتكريس سلطة أمر واقع مرتبطة بتيارات وقوى متطرفة، مقابل تهميش أي صوت وطني يدعو لوحدة البلاد. وجاء البيان الختامي للمؤتمر محكوماً بسقف سياسي ضيق يتماشى مع الخطوط العريضة التي ترسمها القوى الداعمة ومنسوخاً من قواميس مراكز قرار قسد في جبال قنديل وتل أبيب، التي بدت أنها تدير المجتمعين عبر خيوط اللعبة السياسية والأمنية.

يشكل انعقاد المؤتمر في هذا التوقيت ضربة مباشرة لجهود الحكومة التي فتحت خلال الأشهر الماضية قنوات تواصل مع وجهاء العشائر وممثلي المجتمع المحلي في الجزيرة السورية، بهدف إيجاد صيغة تفاهم وطني تدمج جميع المكونات في مشروع الدولة الواحدة. لكن الخطوة الأخيرة لـ"قسد" تعكس رغبة في قطع الطريق أمام أي تقارب وتثبيت وقائع سياسية تخدم مشروعاً تقسيمياً طويل الأمد.

يرى المراقبون أن الخطاب الذي ساد المؤتمر تجاهل كلياً مسألة نهب الموارد النفطية ومعاناة السكان من ارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات، مكتفياً بتكرار شعارات سياسية فضفاضة لا تمس جوهر الأزمة. هذه الخطوة بدت وكأنها إعادة إنتاج لأجندات خارجية تستهدف وحدة سوريا وسيادتها، وتضع عراقيل إضافية أمام مسار الحوار الوطني الذي تبذله الدولة السورية مع مختلف الأطراف على قاعدة الثوابت الوطنية، ما يؤكد أن الحل لن يكون إلا بدمشق عبر حوار سوري–سوري تحت سقف الوطن، يحترم وحدة الأرض والشعب، أو ستكون كلمة الفصل للميدان التي يتقنها رجال الجيش العربي السوري.

مشاركة المقال: